999 (Arabic)

عملية فاشلة

- إعداد: وجيه حسن

السّرقة أو السّطو هي عمليات دنيئة ومدانة وتعود على صاحبها المُغيّب عقليّاً والموتور نفسيّاً بالأذى والضّرر والعقاب. وتُودِي بمرتكبها الجاهل إلى مهاوي الضياع ومراتع الظلام من دون أن يحسب للأمر تبعاته وعواقبه، وما يجرّه عليه من عذاب جسدي ونفسي في آنٍ معاً. أمّا الإنسان صاحب التربية العالية والأخلاق الفاضلة، فلا يمكن له أن يُقدِم على ارتكاب مثل هذه الأعمال الرّخيصة والمُدانة، مهما كانت الأرباح الماديّة المتوقّعة من حصائل هذه الأعمال غير الأخلاقية، لأنّ التربية الدينية بالإضافة إلى التربية الأسرية تمنعانه من ارتكاب مثل هذه التصرّفات الرّعناء وهذه الأعمال الدّنيئة التي يمقتها أفراد المجتمع، ويرفضها القانون لأنّها تسيء إلى

أمنهم وراحتهم وسكينة قلوبهم. والسؤال في هذا السّياق: لماذا يُقدِم المرء الجاهل الطمّاع على ارتكاب إحدى هذه الجرائم، أليس حبّاً بالمال وطمعاً به؟ ألم يرد في القرآن الكريم: «وتحبّون المالَ حبّاً جمّاً». ولكنّ المال الذي يتعطّش إليه أمثال هؤلاء، ويفعلون الأفاعيل للحصول عليه، ومن الأسف، هو المال الحرام الذي ليس فيه أدنى بركة من لدنه سبحانه وتعالى. وبعد هاتِهِ المقدّمة، ها هي قصّة خمسة مجرمين من إحدى الجنسيات الأفريقية، وهم يلهثون وراء «جمع المال الحرام» بطريقة السّطو المُدان أو السّرقة الموصوفة: كانوا خمسة مجرمين بينهم امرأة كانت رديفاً لهم في جريمة محاولة سرقة أموال من أيدي

موظفتين بأحد المصارف الوطنية في إحدى إمارات الدولة، وذلك أثناء عمليّة نقل مبالغ ماليّة كانت موضوعة ضمن حقائب جلديّة. فأثناء عملية نقل مبالغ مالية مخصصة للمصرف، فوجِئت الموظفتان بشخص مشبوه، غامق البشرة، صقريّ العينين، يقف على باب المصرف تماماً، وقد بدت سحنة وجهه مكفهرّة متوتّرة، كذئبٍ متوثّبٍ يريد الانقضاض على فريسة ما. وبالفعل هذا ما حصل، فقد انقضّ هذا الذّئب الآدميّ فجأةً على إحدى الموظفتين، محاولاً انتزاع ما تحمله من حقائب فيها الأموال. وقامت هذه الموظفة بمقاومة عملية السّطو بكلّ حنكة وقوّة وتحدٍ، مع إصدار أصوات استغاثة عالية النّبرات، ليسمعها مَن في داخل المصرف لمساعدتها وإنقاذها من

براثن هذا الشخص المعتدي. وفي الوقت نفسه الذي شرعت زميلتها الموظفة الثانية بالصياح بأعلى صوتها طلباً للنجدة، والاستعانة بعملاء المصرف وموظفيه، والّذين هبّوا بالفعل هبّة رجل واحد تلبية لنداء الاستغاثة هذا، وحينها نجح أحد عملاء المصرف، وكان شخصاً قويّ الجسم وعالي الهمّة في التصدّي للمجرم الأول، حيث تمكّن من تحرير الفتاتين من قبضة هذا الغول الذي تهاوى لحظتها على الأرض نتيجة ضربة من الشخص القوي بِيده اليُمنى، وحينها استطاع مدير المصرف مع عدد من الموظفين الميامين من محاصرة المجرم الأول، وإلقاء القبض عليه بعدما قام بمحاولة يائسة للفرار بجلده. أما المجرم الثاني المشارك في العملية، فقام مدير المصرف ومَنْ عاضَدَه من موظفيه بالرّكض وراءه، ولكنّه تمكّن من الهرب بقفزاتِ فهدٍ يجري وراء غزالٍ خائف، وتمكن من ركوب السيّارة التي كانت المجرمة المرأة تنتظر فيها على حذرٍ وترقّبٍ، وهي وراء المقود، وكان محرّك السيارة في حالة التشغيل. وكان باقي أفراد العصابة وهما اثنان يقفان قرب مبنى المصرف في حالة تأهّب بادٍ، وتمكّنا بالفعل من معاضدة زميلهم المجرم الأول، وتمكنوا من تحريره من أيدي مدير وموظفي وعملاء المصرف، مستخدمين الهراوات الخشبية الكبيرة لزرع الخوف في نفوس الموجودين... وحينها توجّه اللصوص الثلاثة على جناح السّرعة ناحية السيارة التي كانت المرأة والمجرم الخامس ينتظران في داخلها. في هذه الأثناء، تقدم أحد عملاء المصرف الذي كان متواجداً فيه أثناء الحادثة ببلاغ هاتفي إلى غرفة عمليات الشرطة، بعدما التقط صوراً عدة لعمليّة محاولة السّطو، ولسيارة العصابة ورقم لوحتها، والتي أقلّت أفراد العصابة على عجل إلى جهةٍ غير معلومة. وعلى الفور، تحركت دوريات الشرطة، ولاحقت سيارة العصابة، واستطاعت بحنكة وشجاعة إلقاء القبض على جميع أفراد العصابة، وذلك بعد مطاردات شتّى في عدد من شوارع الإمارة، استُخدم فيها طيران الشرطة نظراً لقيام أفراد العصابة بالاختباء وراء الأشجار المتوافرة على جانبي الشوارع. وتبين في التحقيقات أن أفراد العصابة هم من أرباب السّوابق، حيث سرقوا من قبل عدداً من المحال التجارية والبيوت والمزارع في الإمارة، إلى أن وقعوا أخيراً بأيدي الشرطة

أصحاب العيون السّاهرة الذين يسهرون على أمن العباد والبلاد. وبعدما أثبتت النيابة العامة التّهم الموجّهة بحقّ المتهمين الخمسة، وهي جرائم سرقة الأموال والمقتنيات بالإكراه، وتكوين تشكيل عصابي ممنوع، ومقاومة السلطات، وفي هذا ما فيه من مخالفات صريحة للقوانين المرعيّة الإجراء على أراضي الدولة كافّة. وهناك وأمام قوس المحكمة، وبعد جملة من الأسئلة الموجّهة لكلّ من أفراد العصابة على انفراد، كرّروا اعترافاتهم من دون قسر أو إكراه بالحكم المتقدّم ذكره: إذْ قضت المحكمة الموقّرة بالسجن مدة خمس سنوات لكلّ فرد من هذه العصابة، ليكونوا عبرة لِمَن أراد أن يعتبر، وليكونوا درساً مفيداً لِمَن يسمع بجرائمهم. وفي حالة هؤلاء المجرمين الخمسة الذين يقبعون داخل إحدى المؤسسات العقابية والإصلاحية في الإمارة، يقول شاعر: وما مجاهدةُ الإنسانِ واصلةٌ

رزقاً ولا دَعَة الإنسانِ تقطعُهُ واللهُ قسّمَ بينَ الناسِ رزقَهم

لم يَخلقِ اللهُ مخلوقاً يضيّعُهُ • الشخصيات المذكورة في القصة مستعارة. وأي تشابه مع شخصيات أخرى هو محض صدفة.

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Arab Emirates