الرقم األصعب
سوزي الحاج SUSIE AL-HAJJ أديبة لبنانية
بدايـــة عـــام جديـــد فـــي زمـــن يعانـــي فيـــه قســـم ال يســـتهان بـــه مـــن شـــعوب العالـــم، الحـــروب واألوبئـــة والفقـــر والنـــزوح، وغيـــر ذلـــك مـــن األزمـــات.. ومع تقدم العلم والتكنولوجيا الناتج عن قدرة اإلنسان اإلبداعية، لطالما سعت المجتمعات على اختالفها إلى تطوير حياتها بواسطة األدوات التقنية، بغية تأمين حياة أسهل وتحسين المعيشة، وربما تغيير العالم إلى األرقى
واألجمل واألفضل! وبقدر ما أسهمت التكنولوجيا في تحسين أنظمة المجتمعات البشرية، خلقت في الوقت نفسه مشكالت وتعقيدات زادت الطين بلة، وجعلـــت بعـــض األمـــور تّتجـــه إلـــى األســـوأ، وأحيانـــا إلى ما لم يكن في الحسبان. ولـــو ســـلطنا الضـــوء علـــى التكنولوجيـــا الرقميـــة التـيحققـتفـيالعقديـناألخيريـنتقّد ال لمسـار البشـرية، خصوصـا فـي مجـاالت االتصـاالت ونقـــل المعلومـــات وســـهولة الحصـــول علـــى المعرفــة، يبقــى الســؤال األهــم: إلــى أيــن؟ لقــد أثـــرت التكنولوجيـــا تأثيـــرا بالغـــا فـــي ديناميكيـــة مجتمعـات العالـم برمتهـا، وذلـك مـن كل جوانـب الحيــاة، حتــى فــي تفاصيلهــا الروتينيــة. أســـئلة كثيـــرة يطرحهـــا اليـــوم العلمـــاء، وعلـــى رأســـهم االختصاصيـــون فـــي علـــوم النفـــس واالجتمـــــــاع واألنثروبولوجيـــا، حـــول إيجابيـــات التكنولوجيـــا وســـلبياتها علـــى اإلنســـان. وال بـــد هنـا مـن أن نتحـّدث فـي عصرنـا اليـوم عـن حضـارة رقميـة حدودهـا الكواكـب، وعاصمتهـا كل منـزل، له ـا ثقافته ـا ولغته ـا كم ـا له ـا أربابه ـا وعش ـاقها وأبطالهـــا. من الضروري أن نعي أن أي بحث علمي ينطلق من اإلنسان يجب أن يعود إليه، بمعنى أن البعد األخالقي يجب أال يغيب عن اآلفاق الالمحدودة لعلم التكنولوجيا عموما والتكنولوجيا الرقمية خصوصا. كما يجب أال يغيب عن نظرنا أن الذكاء االصطناعي هو من صنع الذكاء البشري، وبذلك يبقى مفهوم اإلنسانية متفّوقا على سائر االعتبـــارات األخـــرى. ويحضرنـي هنـا قـول أميـر الشعراء "أحمد شوقي": "إنما األمم األخالق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخالقهم ذهبوا" وفـي معادلـة العالـم اليـوم المدفـوع بتكنولوجيـا المعلومـات، ال بـد أن نتذكـر أن الهـدف النهائـي ألي فكــر أو نشــاط هــو اإلنســان. واإلنســان مــن حقــه أن يعيــش برفــاه وســالم؛ أولهمــا ســهل التحقيــق، فيم ـا الثان ـي يّتض ـح جلّي ـا أن ـه الرق ـم األصع ـب ف ـي المعادلـة.
نحتضن روح التمرد في عددنا لشهر يناير، بدءا من نصائح الجمال حتى الروايات الملهمة التي تكشف النقاب عن الجمال المتمرد وغير التقليدي. اكتشفي معنا أبرز االتجاهات الجريئة، ووجهات النظر الجديدة في هذا العدد. واستقبلي العام الجديد بمقاالت تعيد تعريف معايير الجمال، وتلهم رحلتك الجريئة.