مشهد صادم في األولمبياد: »المسيح« األزرق!
أﻛﺜﺮ اﻟــﺮدود ﻋﻠﻰ اﳌﺸﺎﻫﺪ اﻟﺼﺎدﻣﺔ ﻓﻲ اﻓﺘﺘﺎح أوﳌﺒﻴﺎد ﺑــﺎرﻳــﺲ ﺗـﻘـﻮل إن ﻫــﺬا دﻟـﻴـﻞ ﻋﻠﻰ اﻧـﻬـﻴـﺎر اﻟــﻐــﺮب. وﻫـــﺬا أﻳﻀﴼ ﻣــﺎ ﻗــﺎﻟــﻪ رﺋــﻴــﺲ وزراء اﳌــﺠــﺮ ﻓـﻴـﻜـﺘـﻮر أورﺑـــــﺎن. وﻟــﻜــﻦ إذا ﻛـﺎن ذﻟــﻚ ﺻﺤﻴﺤﴼ ﳌـــﺎذا ﻇـﻬـﺮت اﻋـﺘـﺮاﺿـﺎت ﻛﺜﻴﺮة واﻧــﺘــﻘــﺎدات ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ اﳌﻌﺘﺪﻟﲔ واﻟﻌﻮاﺋﻞ وآﻻف اﻟﺘﻐﺮﻳﺪات، ﺧﺼﻮﺻﴼ ﻣﻦ اﻟﻴﻤﲔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﺬﻳﻦ وﺻﻔﻮا ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﺎﳌﻘﺰز واﳌﻬﲔ. أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺮﺋﻴﺲ وزراء اﳌﺠﺮ، ﻓﺈن داﻓﻌﻪ واﺿﺢ. اﻟـﺨـﻼف اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣـﻊ اﻷوروﺑــﻴــﲔ ﺣــﻮل اﻟـﺤـﺮب ﻣـﻊ روﺳـﻴـﺎ، ﺣﻴﺚ رأى ذﻟﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻮاﺗﻴﺔ ﻟﺘﻠﻄﻴﺦ ﺻﻮرﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﻮﺣﻞ.
وﻟـﻜـﻦ إذا ﻣـﺎ ﻇـﻬـﺮت اﳌﺸﺎﻫﺪ ﻣﺴﺘﻔﺰة ﻟﻠﺒﻌﺾ، إﻻ أﻧﻨﺎ ﺑﺘﻨﺎ ﻧﻌﺮف ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﺘﻲ ﺳﻤﺎﻫﺎ اﳌﻠﻴﺎردﻳﺮ إﻳﻠﻮن ﻣﺎﺳﻚ اﻟﻔﻴﺮوس، وﺗﻌﻬﺪ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ. وﺣﺪﻳﺚ ﻣﺎﺳﻚ ﻋﻦ ﺧﺴﺎرة اﺑـﻨـﻪ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻮﻟﻪ اﻟﺠﻨﺴﻲ ﻛــﺎن ﻣﺤﺰﻧﴼ وﻣــﺆﺛــﺮﴽ، وﻫــﻮ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ ﺧﺪع ووﻗﻊ ﻋﻠﻰ أوراق ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺷﻬﺎدة وﻓﺎة ﻻﺑﻨﻪ.
إﻻ أن ﻣـــﻮﻗـــﻒ ﻣـــﺎﺳـــﻚ واﳌـــﻌـــﺎرﺿـــﲔ ﳌــﺸــﺎﻫــﺪ اﻷوﳌـــﺒـــﻴـــﺎد ﻳـــﺮد ﻋـﻠـﻰ ﻣــﻦ ﻳــﻘــﻮل إن ﻫـــﺬه ﺗـﻌـﻜـﺲ ﻗـﻴـﻢ اﻟــﻐــﺮب اﳌـﻨـﺤـﻠـﺔ، ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟـﻌـﻜـﺲ. ﻓــﻲ اﻟــﻮاﻗــﻊ ﻧﺤﻦ ﻧــﺮى ﺗﺤﺎﻟﻔﴼ أﻛـﺒـﺮ ﻟﻠﻤﻌﺘﺪﻟﲔ اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎرﺿﻮن ﻫﺬه اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﳌﻮﺗﻮرة ﻣﻦ ﺗﻌﺪد اﻷﺟﻨﺎس، وﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻔﺘﻮﻟﻲ اﻟﻌﻀﻼت ﻓﻲ اﳌﺴﺎﺑﻘﺎت اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ واﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ دورات ﻣﻴﺎه اﻟﻨﺴﺎء. إﻟﻰ ﻗﻀﺎﻳﺎ أﻛﺒﺮ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﺬات. ﺣﺎﻟﺔ أﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﺠﻨﻮن واﻟﺬﻫﺎن ﺗﺠﻌﻞ ﺷﺨﺼﴼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺼﻨﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﻛـﻤـﺎ ﻳــﺮﻳــﺪ، ﺑﺄﻧﻪ رﺟﻞ أو اﻣﺮأة وﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻃﻴﻒ واﺳﻊ ﻣﻦ اﻟﻬﻮﻳﺎت اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ اﻟﺴﺎﺋﻠﺔ أو ﺣﺘﻰ ﻗﻄﺔ! )ﻛﻤﺎ ادﻋــﺖ ﻓﺘﺎة ﺗﻘﻮل إﻧﻬﺎ وﻟــﺪت ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ اﻟﺨﻄﺄ(.
ﻫﺬا اﻟﻔﻴﺮوس اﻟﺬي ﺗﺤﺪث ﻋﻨﻪ ﻣﺎﺳﻚ ﻻ ﻳﻌﻜﺲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟـﻐـﺮﺑـﻴـﺔ، وﻟـﻜـﻨـﻪ ﻣﻈﻬﺮ ﻣــﻦ ﻣـﻈـﺎﻫـﺮﻫـﺎ. وﻓـــﻲ ﻓـﺮﻧـﺴـﺎ ﺗﺤﺪﻳﺪﴽ ﺑـﺴـﺒـﺐ اﻟـــﺜـــﻮرات ﺿــﺪ ﻗـﻤـﻊ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺗــﻢ ﺗــﺠــﺎوز ﻛــﻞ اﻟــﺤــﺪود، وﻓﻲ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺻﺮﻳﺢ ﻋﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ واﻹﻳﻤﺎن واﻟﻬﺮﻃﻘﺔ وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺴﻪ. ﻫﺬا ﻣﻔﻬﻮم، وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻟﻴﺲ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻮﺣﻴﺪ، وﻫﻮ ﻣﺎ أﻏﻀﺐ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺪوا ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ اﻷوﳌﺒﻴﺎد ﻣﻌﺒﺮﴽ ﻋﻦ اﻷﻣﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻛﻠﻬﺎ.
وﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ أﻻ ﻧﻨﺴﻰ أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺑﺰغ ﻛﺒﺎر اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻣـﻦ ﻓﻮﻟﺘﻴﺮ وﺟــﺎن ﺟــﺎك روﺳــﻮ ودﻳــﻜــﺎرت وﻏﻴﺮﻫﻢ. ﺣــﻄــﻤــﻮا ﺟـــﻤـــﻮد اﻷﺻـــﻮﻟـــﻴـــﲔ وأﻋــــﻠــــﻮا ﻗــﻴــﻤــﺔ اﻟـــﻌـــﻘـــﻞ، وﻟـﻜـﻨـﻬـﻢ أﻳﻀﴼ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺆﻣﻨﲔ وﻳﺠﻤﻌﻮن ﺑﲔ اﻟﻌﻘﻞ واﻟـﺪﻳـﻦ اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟــــﺮوﺣــــﺎﻧــــﻲ. ﻣـــﻦ أﻗـــﻼﻣـــﻬـــﻢ اﻟــﺠــﺮﻳــﺌــﺔ اﻧــﺒــﺜــﻖ اﻟــﻔــﻜــﺮ اﳌـﺴـﺘـﻨـﻴـﺮ واﺳﺘﻤﺮت إﺷﻌﺎﻋﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم. وﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﻮﻟﺘﻴﺮ اﳌﻌﺒﺮة ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺣﻀﺮﺗﻪ اﳌﻨﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﻗــﺎل ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮ اﳌﻮت ﺟﻤﻠﺘﻪ اﳌﻌﺒﺮة: »أﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ وأﻛﺮه اﻟﺨﺮاﻓﺎت وأﺣﺐ أﺻﺪﻗﺎﺋﻲ وﻻ أﻛﺮه أﻋﺪاﺋﻲ«.
أﺣـــﻔـــﺎد ﻫــــﺬا اﻟــﻔــﻜــﺮ اﻟــﻌــﻘــﻼﻧــﻲ اﻹﻧـــﺴـــﺎﻧـــﻲ اﳌــﺴــﺘــﻨــﻴــﺮ ﻫﻢ ﺟﻤﻮع اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ اﳌﻌﺘﺮﺿﲔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣـﺪث ﻓﻲ اﻻﻓﺘﺘﺎح ﻣﻊ إﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﺑﺤﺮﻳﺔ اﻟﻨﻘﺪ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮ، إﻻ أﻧـﻪ ﻻ ﻳﻌﻜﺲ روح اﻷﻣﺔ وﺷﺨﺼﻴﺘﻬﺎ وﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ. وﻟﻜﻦ رﺑﻤﺎ ﻳﻌﻜﺲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟـﺤـﺪاﺛـﺔ، ﺣﻴﺚ ﻻ ﺣﺮﻣﺔ وﻻ ﻗـﺪاﺳـﺔ ﻟـﺸـﻲء. وﻧــﺮى اﻟﻔﻜﺮ ﻧـﻔـﺴـﻪ ﻓــﻲ اﻟـــﻮﻻﻳـــﺎت اﳌــﺘــﺤــﺪة أو اﻟـــﺼـــﺮاع ﻧـﻔـﺴـﻪ ﺗـﻘـﺮﻳـﺒـﴼ، ﺑﲔ اﳌﺤﺎﻓﻈﲔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺼﻮر اﻷﺧﻼﻗﻲ اﻟﺮوﺣﺎﻧﻲ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻟﻠﺪﻳﻦ وﺑﻌﻀﻬﻢ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻪ، وﻟﻜﻦ ﻳﻔﻬﻤﻮﻧﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻇﺎﻫﺮة ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، وﺑــﲔ آﺧـﺮﻳـﻦ ﻳـــﺮون أن ﻛـﻞ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ اﻟــــﺰواج واﻟـﺠـﻨـﺲ واﻟــﺠــﻨــﺪر واﻟـﻌـﺎﺋـﻠـﺔ واﻹﻳـــﻤـــﺎن ﻣــﻦ ﻣﺨﻠﻔﺎت اﳌـﺎﺿـﻲ. ﻳﺠﺐ أن ﺗﺤﻄﻢ وﺗﺒﻨﻰ ﻣـﻦ ﺟـﺪﻳـﺪ. ﻗﻄﻴﻌﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻣﻊ اﳌـﺎﺿـﻲ اﻟــﺬي ﻳﺠﻴﺰ اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ واﻟﺘﻬﻜﻢ ﻣﻨﻪ. وﻟــﻮ ﻻﺣﻈﻨﺎ أن ﺳﺨﻮﻧﺔ اﻟﺼﺮاع اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺑﲔ ﻧﺎﺋﺐ اﻟـﺮﺋـﻴـﺲ اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻲ ﻛـﺎﻣـﻼ ﻫـﺎرﻳـﺲ واﻟـﺮﺋـﻴـﺲ اﻟـﺴـﺎﺑـﻖ دوﻧـﺎﻟـﺪ ﺗﺮﻣﺐ ﺗﺸﺘﻌﻞ ﺣﻮل اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺨﻼﻓﻴﺔ وﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻋﻦ اﻟﻬﺠﺮة واﻻﻗﺘﺼﺎد.
ﻓـﻲ اﻟـﻔـﻮﺿـﻰ اﻟـﺘـﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺎﳌﻨﺎ اﻟـﺨـﻴـﺎر اﻷﻓـﻀـﻞ، ﺑﺘﻘﺪﻳﺮي، ﻫﻮ ﺧﻴﺎر اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﲔ اﳌﻌﺘﺪﻟﲔ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب واﻟﺸﺮق. وﻫﻢ اﳌﺆﻣﻨﻮن ﺑﻘﻴﻤﺔ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻌﻤﻴﻖ وﻓﻬﻤﻪ ﻓﻠﺴﻔﻴﴼ وإﻧﺴﺎﻧﻴﴼ، وﻗﻴﻤﺔ اﻟﺤﻴﺎة، واﻟﺴﻌﺎدة، واﻷﻣﻞ. وﻗﺪ اﻧﻌﻜﺴﺖ ﺑﻌﺾ اﳌﺸﺎﻫﺪ ﻓــﻲ اﻓـﺘـﺘـﺎح اﻷوﳌــﺒــﻴــﺎد ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻤﺎﻟﻲ وراق. ﳌـــﺎذا ﻫــﺬا اﻟﺨﻴﺎر اﻷﻓﻀﻞ؟ ﻷن اﻟﻨﺎس ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن ﻟﻠﺒﻌﺪ اﻟﺮوﺣﺎﻧﻲ، وﻳﺮﺗﺒﻄﻮن ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﳌــﺎوراﺋــﻲ، وﻟـﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ أي ﺣﺮﻛﺔ أن ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺠﻴﺐ ﻋﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﻜﺒﺮى. ﺟﺰء ﻣﻦ ﺳﻌﺎدة اﻹﻧـﺴـﺎن ﻓـﻲ اﳌــﺎدﻳــﺎت، وﻟﻜﻦ أﻳﻀﴼ ﻓـﻲ اﻟـﺮوﺣـﺎﻧـﻴـﺎت. اﻹﻧﺴﺎن ﻛـﺎﺋـﻦ ﻣﻔﻜﺮ وﻣﺘﺨﻴﻞ وﻳﻌﻴﺶ ﺑﺬﻫﻨﻪ ﻓــﻲ ﻋــﻮاﻟــﻢ أﺧـــﺮى ﻃــﻮال اﻟﻮﻗﺖ. ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﺘﺮ ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ. وﻟﻬﺬا ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ اﻷدﻳـــــﺎن واﻟـــﺮوﺣـــﺎﻧـــﻴـــﺎت زﺧـﻤـﻬـﺎ ﻛـﻠـﻤـﺎ اﻧــﺤــﺴــﺮت. وﻓـــﻲ ﻋﺎﳌﻨﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺸﻌﺮ ﻛﺜﻴﺮون ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﺶ واﻹﺣﺒﺎط واﻟﻜﺂﺑﺔ وﺑﺄﻧﻬﻢ ﺗﺮوس ﻓﻲ ﻣﺎﻛﻴﻨﺔ ﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﺘﻮﻗﻒ، وﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻳﺪ روﺣﺎﻧﻴﺔ ﺣﺎﻧﻴﺔ ﺗﻜﺴﺮ ﻋﺰﻟﺘﻬﻢ، وﺗﺒﻌﺚ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ واﻷﻣــﻞ. وﻟﻜﻦ ﻣـﺎ ﻓﻌﻞ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻫـﻮ أﻧﻬﻢ أﺧـــﺬوا ﻣـﻦ اﻷدﻳـــﺎن ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ اﻟـﺬي ﻳﺒﺚ اﻟﺴﻌﺎدة واﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎن، وﺑﺎﻟﻮﻗﺖ ذاﺗـﻪ ﻻ ﻳﺘﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﺤﻴﺎة اﳌﻌﺎﺻﺮة وﻻ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ.
وﻫــــﻲ ﻃــﺮﻳــﻘــﺔ ﺗــﻔــﻜــﻴــﺮ اﳌــﻌــﺘــﺮﺿــﲔ اﻟــﻔــﺮﻧــﺴــﻴــﲔ وﻣــﺎﺳــﻚ واﻟـــﺠـــﻤـــﻬـــﻮرﻳـــﲔ ﻓــــﻲ أﻣـــﻴـــﺮﻛـــﺎ وﺷـــﺮﻳـــﺤـــﺔ واﺳــــﻌــــﺔ ﻓــــﻲ اﻟـــﻐـــﺮب. ﻳﺠﻤﻌﻬﻢ ﻫــﺬا اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ وﻳﻌﺘﺮﺿﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻮﻟﺔ اﻧﻬﻴﺎر اﳌﺜﻞ واﻷﺧـــــﻼق ﻓــﻲ اﻟـــﻐـــﺮب. وﻟــﻜــﻦ ﳌــــﺎذا ﺗــﻜــﺮر ﻫـــﺬه اﳌــﻘــﻮﻟــﺔ؟ ﻟﻬﺪف ﺛﻘﺎﻓﻲ وﺳﻴﺎﺳﻲ، وﻫﻮ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن اﻟﻐﺮب اﻟﺬي ﻳﺪﻋﻲ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ، وﻳﻘﺪس اﻟﻌﻘﻞ وأﻧﺘﺞ اﳌﺪﻧﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎر ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ. وﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻻﻗﺘﺪاء ﺑﺎﻷﻣﻢ اﳌﻨﻬﺎرة. ﺣﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻞ اﻟﻜﺜﻴﺮة ﻟﻮﺿﻊ ﻗﻄﺮات اﻟﺴﻢ ﻓﻲ أﻛﻮاب اﳌﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺠﺮﻋﻬﺎ اﻟﻴﺎﻓﻌﻮن.
وﻟﻜﻦ اﳌﻼﺣﻆ، واﳌﻔﺎرﻗﺔ، أن ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓـﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻟـﻢ ﺗﺮﻓﻊ أﺻﻮاﺗﻬﺎ وﻟــﻢ ﺗﻐﻀﺐ ﻫــﺬه اﳌـــﺮة، رﻏــﻢ أن ﻗــﺎدﺗــﻬــﺎ ﻳــﺤــﺮﺿــﻮن ﻋــﻠــﻰ دوﻟـــﻨـــﺎ اﳌــﻌــﺘــﺪﻟــﺔ ﻷﻧــﻬــﺎ ﻓــﻘــﻂ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﻔﻜﺮ اﻟـﺪﻳـﻨـﻲ. اﻟﺴﺒﺐ ﺑﺴﻴﻂ: اﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓــــﻮق ﻛـــﻞ ﺷـــــﻲء. ﺣــﻠــﻔــﺎؤﻫــﻢ ﻣـــﻦ اﻟـــﻴـــﺴـــﺎر ﻫـــﻢ اﳌــــﺆﻳــــﺪون ﻟــﻬــﺬه اﻻﺣﺘﻔﺎﻻت، وأﻋﺪاؤﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻴﻤﲔ ﻫﻢ اﻟﻐﺎﺿﺒﻮن ﻣﻨﻬﺎ. وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﻢ إذا ﺧﻴﺮﺗﻬﻢ ﺑﲔ اﻟﻌﻘﻴﺪة واﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، أﻳﻬﻤﺎ ﻳﺘﻔﻮق؟ اﻟﺠﻮاب ﻣﻌﺮوف، اﻟﺴﻠﻄﺔ واﳌﺼﻠﺤﺔ أوﻟﻰ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺟﺴﺪ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﳌﺴﻴﺢ ﻣﺜﻠﻲ اﻟﺠﻨﺲ، ﻟﻄﺦ ﺟﺴﺪه اﻟﻌﺎري ﺑﺎﻷﺻﺒﺎغ اﻟﺰرﻗﺎء!