استئناف الطعون في االنتخابات
رفضت المحكمة اإلدارية التونسية كل الطعون المقدمة إليها من مرشحي انتخابات الرئاسة ضد قرارات هيئة االنتخابات باستبعاد ترشحهم، في انتظار نتائج االستئناف
بعد يوم على تأكيد املحكمة اإلدارية التونسية رفـــــض كــــل الـــطـــعـــون املـــقـــدمـــة مــــن مــرشــحــني للرئاسة، رفضت هيئة االنتخابات طلبات ترشيحهم، رأى خبراء في القانون أن مرحلة االعـــتـــراض عـلـى قـــــرارات هـيـئـة االنـتـخـابـات لـــم تــنــتــه، إذ يـتـجـه عــــدد مـــن املــرشــحــني إلــى االستئناف، في حني اعتبر بعضهم أن رفض الطعون ابتدائيًا يؤكد أن املعركة الرئاسية حــســمــت، مـــع بـــقـــاء 3 مــرشــحــني، مـــن بينهم الــرئــيــس قــيــس ســعــيــد الــــذي يـــرى مـنـتـقـدوه أن مـنـافـسـيـه االثـــنـــني «شـــكـــلـــيـــان». وأعــلــنــت املحكمة اإلداريـــــة الـتـونـسـيـة، أول مــن أمــس، رفضها كل الطعون السبعة املقدمة إليها من مرشحني النـتـخـابـات الـرئـاسـة ضــد قـــرارات هيئة االنتخابات. وقالت املحكمة في بيان، إن «الدوائر االستئنافية باملحكمة اإلداريــة، استكملت التصريح بمنطوق آخر قضيتني مـــن مــجــمــوع الــســبــعــة طـــعـــون املـــرفـــوعـــة في إطار نزاعات الترشح لالنتخابات الرئاسية لسنة 2024 في طورها األول من التقاضي،
وقد قضت في جميعها بالرفض». والطعون املــقــدمــة لـلـمـحـكـمـة جـــــاءت مـــن األمـــــني الــعــام لـحـزب العمل واإلنــجــاز عبد اللطيف املكي، ورئــــيــــس حـــــزب الـــتـــحـــالـــف الـــوطـــنـــي نــاجــي جـــلـــول، والــــوزيــــر األســـبـــق مـــنـــذر الـــزنـــايـــدي، والـــــوزيـــــر األســــبــــق عـــمـــاد الـــدايـــمـــي (رئـــيـــس ديـــوان الـرئـيـس منصف املــرزوقــي) ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي (قدمت طعنني اثـنـني) ومـرشـح حـركـة «شـبـاب نحن لها» بشير العواني. وأكد حزب العمل واإلنجاز، استئناف الحكم االبتدائي للمحكمة اإلدارية، الذي أيد رفض هيئة االنتخابات لترشح أمينه الـعـام، عبد اللطيف املكي. وقال الحزب إنه قام بـ «تشكيل نواة في الجهات لالستعداد ملواصلة الحملة االنــتــخــابــيــة، رغــــم الـــرفـــض االبـــتـــدائـــي مللف تــرشــح املــكــي، ألن األمــــل بـإنـصـافـهـم ال يــزال قائمًا». وشدد الحزب خالل مؤتمر صحافي عقده في مقره بالعاصمة التونسية، أول من أمـس، على أنه «يجب عدم الصمت تجاه ما يحدث ومواصلة العمل والنضال لكي تكون االنتخابات معبرة عن إرادة الشعب». ولفت عــضــو املــكــتــب الــســيــاســي لـــلـــحـــزب، سـفـيـان عمري، في تصريح لـ«العربي الجديد»، إلى أن املـحـكـمـة اإلداريـــــــة «أنـصـفـتـهـم فـــي نقطة مهمة تتعلق بالبطاقة عدد 3 (بطاقة الخلو مـــن الـــســـوابـــق الــعــدلــيــة) بــاعــتــبــارهــا إجــــراء خارجًا عن إرادة املرشحني». مـــــن جـــهـــتـــهـــم، أكــــــد خـــــبـــــراء تـــونـــســـيـــون فـي الـقـانـون أن رفــض املحكمة لجميع الطعون ال يعني انتهاء النزاع االنتخابي، ألن هناك طــورًا استئنافيًا أمــام الجلسة العامة التي تـــضـــم 27 قـــاضـــيـــًا، وهـــــي جــلــســة مـفـصـلـيـة وحاسمة، في رأيهم. وفي الوقت الذي يعلق البعض فيه آمـــاال على مرحلة االستئناف، يرى آخرون أن السباق الرئاسي انتهى عند
جل هؤالء املعترضني. وفي هذا السياق، رأى الرئيس السابق للمحكمة اإلدارية، القاضي أحمد صواب، في حديث لـ «العربي الجديد»، أن «رفـض املحكمة اإلداريــة لجميع الطعون هو معركة أولى وستليها معركة أكبر، وهي املـرحـلـة الـحـاسـمـة واألخـــيـــرة»، مـوضـحـًا أن «هـــذا الــرفــض يعني أسبقية طفيفة لهيئة االنــــتــــخــــابــــات». وشــــــــدد عـــلـــى أن «املـــعـــركـــة األخيرة ستكون خالل الجلسة العامة التي ستكون الفيصل». فـي املـقـابـل، يــرى أستاذ القانون الـعـام الصغير الــزكــراوي، أن هناك طعونًا قضت فيها املحكمة بالرفض شكال، وأما عند هؤالء فتعتبر املسألة منتهية، ألن هناك شروطًا أساسية عند تقديم الطعن ال بد من توفرها ولم تتوفر»، مبينًا أن «الخطأ هــنــا يـتـحـمـلـه املـــحـــامـــون ألن قـــبـــول الـطـعـن شكال ضـــروري». ولفت إلـى أن «مـن خسروا القضايا من حيث األصل سيستأنفون، مثل عـبـيـر مــوســي ومــنــذر الــزنــايــدي وغـيـرهـمـا، ولـكـن حظوظهم ضعيفة ألنـهـم لــم يـكـونـوا ملفات مستوفية الــشــروط، خصوصًا على مستوى التزكيات». أما القاضي اإلداري السابق، عبد الـرزاق بن خليفة، فكتب في تدوينة له على فيسبوك»، أن «املـــحـــكـــمـــة اإلداريــــــــــة يـــتـــنـــازعـــهـــا تـــيـــاران مـتـنـاقـضـان مـنـذ تـأسـيـسـهـا، تــيــار شكالني وتيار موضوعي يغلب األصل على الشكل»، مضيفًا أنه «لعل من أسباب الهوس بالشكل، ظهور أجيال جديدة غير مسيسة ومتأثرة بــالــقــانــون الــخــاص أكــثــر أو لـنـقـل أقــــرب إلـى تقنيي القانون منه إلى من يؤولون القانون». وبـــني أن «اإلجــــــراءات وسـيـلـة ولـيـسـت هدفًا في حد ذاتها، ويجب أال تتحول إلى هوس، ويــجــب اعـتـمـادهـا فـقـط لـحـمـايـة الــحــقــوق ال لطمسها أو إهدارها، وأن الوظيفة الجوهرية للقاضي هي فض النزاع في األصل».