Al Araby Al Jadeed

لَم ال يذهب عبّاس إلى القدس؟

- داود كتاب

فــــاجـــ­ـأ الــــرئــ­ــيــــس الـــفـــل­ـــســـطــ­ـيـــنـــي، مــحــمــو­د عــــــبــ­ــــاس، الــــجـــ­ـمــــيـــ­ـع، عــــنــــ­دمــــا اقـــــتــ­ـــرح فــي خـــطـــاب­ـــه أمـــــــا­م مـــجـــلـ­ــس الـــــنــ­ـــواب الـــتـــر­كـــي ذهــابــه والــقــيـ­ـادة الفلسطينية إلـــى غـــزة. جـــاء االقـــتــ­ـراح مــتــأخــ­رًا كــثــيــرًا، ولــكــن كما يــقــول املــثــل، أفــضــل أن تــكــون مــتــأخــ­رًا من أال تــأتــي. ليس مــن املــعــرو­ف مــا إذا كانت هــذه الـفـكـرة مــدروســة أم ولــيــدة اللحظة، ولكنها مهمة لو توبعت بصورة حثيثة وذهـــب الـرئـيـس إلـــى غــــزة، مــع شـــك كاتب هــــذه الـــســـط­ـــور بـــأنـــه ســـيـــذه­ـــب، ولـــكـــن قد يرسل أحد نوابه أو رئيس الوزراء، وحتى ذلـــك سـيـكـون اخــتــراق­ــًا سياسيًا مـهـمـًا لو حــــدث، مـــع أنــــه كـــان ســهــا تـنـفـيـذ الـفـكـرة حــني كــان معبر رفــح مـتـوفـرًا مــن الجانب املــصــري. وبــعــد احــتــال إســرائــي­ــل املعبر، وكــل الــحــدود الفلسطينية الجنوبية مع مصر، أصبحت الطريق الوحيدة إلى غزة بموافقة االحتال اإلسرائيلي ومساعدته، ويشك أن توافق إسرائيل على ذلك. ولــكــن، ومــا دام الرئيس مهتمًا بالذهاب إلـــــى األمـــــا­كـــــن الـــحـــس­ـــاســـة الـــتـــي تــتــطــل­ــب وجــــودًاشخصيًالــلــقــ­يــادةالفل­سطينية، ال بــــــد أن نــــكــــ­رر هـــنـــا فـــــكـــ­ــرة عــــبــــ­ر عــنــهــا الصحافي ناصر اللحام، تقول بضرورة أن يقوم القادة الفلسطينيو­ن، الذين كان يملك كل منهم آنــذاك بطاقة ،»VIP« التي تخوله الذهاب إلى القدس، وإلى أي مكان «إســـرائــ­ـيـــلـــي»، أو أن يــصــلــي فـــي املسجد األقصى عابرًا جسر األردن. اقتحم الــوزيــر املــتــطـ­ـرف إيتمار بـن غفير املــــســ­ــجــــد األقــــــ­صــــــى، ومـــــعــ­ـــه مــــتــــ­طــــرفـــ­ـون كثيرون خرقوا االتفاقات املعروفة، وهي «الــســتــ­اتــيــكــ­و» الــعــثــ­مــانــي، وهــــو فــرمــان وقـــعـــه الــســلــ­طــان عــبــد املــجــيـ­ـد األول في ،1852 ويحدد حقوق األماكن الدينية في القدس وبيت لحم، واتفاق السام األردني اإلســــرا­ئــــيــــ­لــــي، الــــــــ­ذي وفــــــــ­ر لــلــهــا­شــمــيــن­ي دورًا خــاصــًا فــي رعــايــة األمـــاكـ­ــن الدينية اإلسامية، ثم التفاهم األردني اإلسرائيلي عــــام ،2014 بـــني املـــلـــ­ك عــبــد الـــلـــه ورئــيــس الـــــوزر­اء اإلســرائـ­ـيــلــي بـنـيـامـن­ي نتنياهو، برعاية وزيــر الخارجية األمــيــر­كــي، جون كيري، الذي نص بوضوح أن حق الصاة لـلـمـسـلـ­مـني فـــي املــســجـ­ـد األقــــصـ­ـــى، وحـــق بـــاقـــي الـــشـــع­ـــوب بــــزيـــ­ـارة األقــــصـ­ـــى. ولـكـن إيـتـمـار بــن غـفـيـر، وغــيــره مــن املـتـطـرف­ـني، حــــولـــ­ـوا االنـــفــ­ـتـــاح عـــلـــى الـــــزيـ­ــــارة مـــدخـــا لـــلـــصـ­ــاة، ومــــحـــ­ـاولــــة فـــــــرض أمـــــــر واقـــــــ­ع. املــســاف­ــةبـــنيم­ــقــرالــ­رئــاســةا­لفلسطينية (املقاطعة) في رام الله واملسجد األقصى في القدس ال تتعدى 20 كيلومترًا، أي إنها تتطلب أقــل من 20 دقيقة من دون وجود تسهيات ومن دون أزمة قلنديا، التي قد تتطلب ساعات. لكن الرئيس، والتنسيق الــذي يسمح لـه بالسفر إلــى الــخــارج عبر األردن، يــمــكــن­ــه مـــن الـــحـــص­ـــول عــلــى إذن لـلـوصـول إلـــى الــقــدس، ومــشــارك­ــة إخـوتـهٍ وأخــــوات­ــــه الـــصـــا­ة فـــي املــســجـ­ـد األقــصــى. قــد يــكــون هــنــاك بعض الــذيــن يعترضون على الــزيــار­ة، ولكن يمكن لجم هــؤالء في مــواجــهـ­ـة أهــمــيــ­ة زيـــــارة رئـــيـــس فلسطني عاصمة فلسطني. وخــال وجــود الرئيس فــي الـــقـــد­س، وبــعــيــ­د الــصــاة فــي املسجد األقــــصـ­ـــى، قـــد يـــكـــون مــهــمــًا، مـــن الـنـاحـيـ­ة الرمزية، أن يزور كنيسة القيامة، ويلتقي رؤســــــا­ء الـــكـــن­ـــائـــس. كــمــا قـــد يـــكـــون مـهـمـًا فــي الــقــدس أن يلتقي عــبــاس شخصيات وفعاليات مقدسية، من سياسيني ورجال أعــمــال ونــشــاطـ­ـات اجتماعية ومسؤولي شـبـكـة املـسـتـشـ­فـيـات ونــشــطــ­اء الـسـيـاحـ­ة وممثلني عن مـدارس القدس وغيرهم من املــرابــ­طــني فــي الـــقـــد­س، رغـــم الـصـعـوبـ­ات، ورغـــم الـشـعـور بـأنـهـم أيــتــام مــن الناحية السياسية. لــزيــارة رئيس دولــة فلسطني الـــقـــد­س، وبــعــد زيـــارتــ­ـه مــوســكــ­و، وانــقــرة أيضًا، دالالت رمزية قوية في املستويات كـــلـــهـ­ــا، فـــهـــي تــــؤكـــ­ـد أهـــمـــي­ـــة الــــقـــ­ـدس لـــدى الــشــعــ­ب الـفـلـسـط­ـيـنـي، ومــركــزي­ــة املسجد األقصى، كما كنيسة القيامة، في الوجدان الفلسطيني، وتعزز أهمية مبدأ قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس. ورغم تأييد كاتب هذه السطور، وبشدة، زيــــــار­ة الـــرئـــ­يـــس والـــقـــ­يـــادة الـفـلـسـط­ـيـنـيـة

ّّ قطاع غزة املدمر، بهدف وقف نزيف الدم إن أمكن، إال أن تلك الــزيــار­ة قد تكون من املـسـتـحـ­يـات مــا دامــــت الــحــرب عـلـى غــزة مــســتــم­ــرة، ولـــكـــن زيــــــار­ة الـــقـــد­س مـمـكـنـة، وتـــدعـــ­م املـــقـــ­اومـــة، الـــتـــي تـــؤكـــد مـــن خــال أدبياتها ومواقفها أهمية األقصى. فهل يـمـكـن ان يــتــحــو­ل يـــوم 23 أغــســطــ­س/ آب الجاري يومًا تاريخيًا، يزور فيه الرئيس عــــبــــ­اس الــــقـــ­ـدس، ويـــصـــل­ـــي فــــي األقـــصــ­ـى، ويــــزرو كنيسة الــقــيــ­امــة، ويـلـتـقـي أبــنــاء ه وبناته املقدسيني؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar