Al Araby Al Jadeed

التهجير أداة إسرائيل للضغط على الغزيين

- يوسف أبو وطفة

تـــزايـــ­دت وتـــيـــر­ة عـمـلـيـات الـتـهـجـي­ـر فـــي غـــزة، التي يدعو جيش االحتال اإلسرائيلي سكان الـقـطـاع إلـيـهـا، مـقـارنـة مــع الـشـهـور املاضية مـن حــرب اإلبـــادة املتواصلة للشهر الـحـادي عشر على التوالي، وسط الفشل حتى اليوم في الوصول إلى اتفاق ينهي الحرب. وخال نحو 10 أيام من شهر أغسطس/آب الحالي، طـلـب االحـــتــ­ـال مــن ســكــان شـــرق خانيونس وديـــــــ­ر الـــبـــل­ـــح واملــــــ­غــــــازي والـــــــ­زوايــــــ­ـدة وســـط وجنوب القطاع، وبيت الهيا وأجزاء من بيت حانون شماال، إخاء مناطق سكنهم املدمرة باألساس بفعل القصف اإلسرائيلي. ويستخدم االحتال اإلسرائيلي ذريعة إطاق املـــقـــ­اومـــة الـفـلـسـط­ـيـنـيـة الـــصـــو­اريـــخ مـــن هــذه املناطق لتبرير عمليات اإلخاء القسري التي يدعو السكان إلـى القيام بها نحو املجهول فــي ظــل تـقـلـص املــنــاط­ــق اإلنــســا­نــيــة، غـيـر أن وقائع كثيرة على األرض تنفي هذه املزاعم، ويــــقـــ­ـول الــفــلــ­ســطــيــن­ــيــون إنـــهـــا أداة ضــغــط، إذ لـــم تـحـصـل مـــن بــعــض املــنــاط­ــق املـطـلـوب منها اإلخـــاء أي عمليات مقاومة أو إطـاق صـواريـخ. وخــال عمليات التهجير فـي غزة التي يدعو االحـتـال السكان إلـى القيام بها يتعمد اسـتـهـداف املـنـاطـق الـتـي دعــاهــم إلـى االنتقال إليها لتعزيز حالة الضغط النفسي على السكان وإبقائهم تحت ضغط املجهول وصعوبة تقدير املوقف. ومع تكرار عمليات التهجير فـي غــزة بشكل واضــح خــال األيــام املاضية مـن شهر أغسطس الحالي، فإنه لم يمر يــوم تقريبا مـن دون أن يتخلله دعــوات صــادرة عن جيش االحتال للسكان للنزوح من أماكن سكنهم نحو مناطق أخرى. ووفقا للدعوات األخيرة، فإن غالبية مناطق القطاع قــــد طـــاولـــ­تـــهـــا طـــلـــبـ­ــات اإلخــــــ­ـــاء، بــاســتــ­ثــنــاء املناطق الغربية من املنطقة الوسطى للقطاع، مــا تـسـبـب فــي تــكــدس الــســكــ­ان بــا مــــأوى أو خـيـام. وعـــادة مـا يـقـوم االحــتــا­ل باستهداف املــنــاط­ــق الـــتـــي يـــدعـــو الــســكــ­ان إلــــى إخـائـهـا عبر القصف الجوي أو دخـول قواته البرية، فيعمل على تدمير ما تبقى من بنية تحتية لـــم يــطــاولـ­ـهــا الــقــصــ­ف اإلســرائـ­ـيــلــي فـــي املـــرة األولـــى، ويعمل فيها لـعـدة أيـــام ثـم ينسحب منها، لكنه ال يسمح بالعودة لها في كثير من األوقـات إذا كانت قريبة من مناطق عملياته الــعــســ­كــريــة الــكــبــ­يــرة. ووفـــقـــ­ا ملــكــتــ­ب تنسيق الـــشـــؤ­ون اإلنــســا­نــيــة لــأمــم املــتــحـ­ـدة، فـقـد تم وضـع حوالي 305 كيلومترات مربعة، أو ما يــقــرب مــن %84 مــن قــطــاع غــــزة، تـحـت أوامـــر اإلخـــــا­ء الـــصـــا­درة عـــن الــجــيــ­ش اإلســرائـ­ـيــلــي خال األيام القليلة املاضية. ورأى مدير مركز عروبة لأبحاث والدراسات االستراتيج­ية، أحـمـد الطناني، أن االحـتـال يـعـمـد فــي كــل جــولــة مــن جــــوالت املــفــاو­ضــات إلى الضغط على الحاضنة الشعبية وأهالي الــــقـــ­ـطــــاع وتـــــكــ­ـــون هــــنــــ­اك إعــــــان­ــــــات جــــديـــ­ـدة لإلخاء. وقال الطناني، في حديث لـ«العربي الــجــديـ­ـد»، إن مــا يــجــري مــن عـمـلـيـات جـديـدة في خانيونس واملنطقة الفاصلة بينها وبني دير البلح يندرج في إطار املرحلة الثالثة من الـــحـــر­ب، ومـــن جــانــب آخـــر مــحــاولـ­ـة التجهيز لعمليات فــي املنطقة الــوســطـ­ـى. وأضــــاف أن االحـتـال يريد استكمال االدعــــا­ءات السابقة التي تحدث فيها عن تدمير كتائب املقاومة فـــي مــنــاطــ­ق شــمــالــ­ي الـــقـــط­ـــاع وجـــنـــو­بـــه عبر القصف والتدمير املمنهج ملختلف املناطق. وأشـــــار الــطــنــ­انــي إلـــى أن االحـــتــ­ـال يــريــد من خـــال أوامــــر التهجير فــي غـــزة الـضـغـط على املــقــاو­مــة ودفـعـهـا لتنفيذ تـــنـــاز­الت جوهرية فــي إطـــار الـضـغـط عـلـى الـحـاضـنـ­ة الشعبية، بعدما فشل في أن يقضي على البنية التحتية العسكرية للمقاومة، مؤكدًا أن حالة الضغط الـــحـــا­صـــل حـــالـــي­ـــا تــتــمــث­ــل فــــي الـــضـــغ­ـــط عـلـى الـحـاضـنـ­ة الـشـعـبـي­ـة لــدفــع املــقــاو­مــة لـلـتـنـاز­ل أو ارتـكـاب أخطاء أمنية من شأنها أن تمكن املنظومة األمنية والعسكرية اإلسرائيلي­ة من الــوصــول لـقـادة املـقـاومـ­ة أو أســـرى االحـتـال. وصـــدرت الــدعــوة األولـــى لـلـنـزوح مـن مناطق شمالي القطاع ومدينة غـزة في 12 أكتوبر/ تشرين األول ،2023 حينما زعـم االحـتـال أن مناطق جنوبي وادي غــزة ستكون آمـنـة، إال أن هــذه الــدعــوا­ت تـرافـقـت مـع مـجـازر واسعة رافقت عملية النزوح منذ اليوم األول. بـــــــــ­ــدوره، قـــــــال مــــديـــ­ـر مــــركـــ­ـز رؤيـــــــ­ـة لــلــتــن­ــمــيــة الـــســـي­ـــاســـيـ­ــة، أحــــمـــ­ـد عــــطــــ­اونــــة، أن االحــــتـ­ـــال اإلسرائيلي استخدم هـذا الساح منذ بداية الــــحـــ­ـرب لــلــضــغ­ــط عـــلـــى املـــدنــ­ـيـــني، وتـــحـــد­يـــدًا الـــنـــس­ـــاء واألطـــــ­ـفــــــال، مــــن أجـــــل الـــضـــغ­ـــط عـلـى املـــقـــ­اومـــة الــفــلــ­ســطــيــن­ــيــة. وأضـــــــ­اف عـــطـــاو­نـــة، لـــ«الــعــربـ­ـي الـــجـــد­يـــد»، أن الــضــغــ­ط الـعـسـكـر­ي لــاحــتــ­ال أصـــبـــح عــبــثــي­ــا، ولــــم يــعــد لـــديـــه ما يمكن الحديث عنه عسكريا ودخل إلى غالبية مـنـاطـق الـقـطـاع ودمـــر غالبية هـــذه املـنـاطـق، مـع االفــتــر­اض أنــه قـد تمكن مـن القضاء على الـبـنـيـة الـعـسـكـر­يـة لــلــمــق­ــاومــة. ولــفــت إلــــى أن االحتال يكتشف بشكل واضح أنه لم ينجح فــي الـقـضـاء عـلـى البنية التحتية للمقاومة الــفــلــ­ســطــيــن­ــيــة، وبـــالـــ­تـــالـــي يــلــجــأ إلــــى عملية الــتــهــ­جــيــر فــــي غـــــزة لــلــضــغ­ــط عـــلـــى املــدنــي­ــني الــعــزل عـبـر تكثيف الــنــزوح وبـشـكـل مباغت. وبـحـسـب عــطــاونـ­ـة، فـــإن االحـــتــ­ـال يــريــد دفـع الــحــاضـ­ـنــة الـشـعـبـي­ـة لـلـضـغـط عــلــى املــقــاو­مــة بشكل مباشر أو غير مباشر، باإلضافة إلى استخدام أسلوب العقاب الجماعي من منطق عقاب الفلسطينين­ي على عملية السابع من أكــتــوبـ­ـر .2023 ونـــبـــه إلـــى أن االحـــتــ­ـال يـريـد االستمرار في اإلبـادة الجماعية عبر السلوك الــحــالـ­ـي الــقــائـ­ـم عـلـى تــكــرار عـمـلـيـات الــنــزوح املباشر واملباغت من مكان إلى آخر، وعمليات اسـتـهـداف الـسـكـان املـدنـيـن­ي الـتـي تـتـم بشكل واسع في الحرب.

 ?? (حسان جيدي/األناضول) ?? فلسطينيون يفرون من مخيم المغازي، 17 أغسطس 2024
(حسان جيدي/األناضول) فلسطينيون يفرون من مخيم المغازي، 17 أغسطس 2024

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar