انتهى الخطاب واستمّر التصفيق
ما زال حارس الكونغرس األميركي، القادم من العالم الثالث «املستبد»، بانتظار أن ينتهي «التصفيق» ليقفل األبواب ويؤوب إلى منزله. لم يكن نهارا عاديا بالنسبة إلــــى هــــذا املـــنـــحـــوس، عــنــدمــا حــضــر إلــى رأس عمله صباحا، فقد كان الجو ملبدا، والــتــحــضــيــرات عــلــى أشــــدهــــا مــنــذ أيــــام، بانتظار ذلك الزائر «املهم» الذي سيعتلي منصة الخطابة، ويدعى نتنياهو. تذكر على الفور تحضيرات مماثلة كـان يقوم بـــهـــا بــــرملــــان بـــلـــده األصــــلــــي «املـــســـتـــبـــد»، كلما تناهى إلى أعضائه عزم «الرئيس» امللهم، هبة الله للشعب، الحضور إللقاء كلمة «تاريخية» جديدة. فقد كان البرملان يـــعـــلـــن حــــالــــة الـــــطـــــوارئ قــبــلــهــا بـــأشـــهـــر، انتظارا لهذا الحدث «األسطوري»، وكان الـــنـــواب يــنــامــون فــي الــبــرملــان، يــتــدربــون عــلــى الـــحـــركـــات والـــســـكـــنـــات والـــنـــظـــرات، ويــحــســبــون عـــدد األنـــفـــاس املـــصـــرح لهم بـهـا خـــال الــخــطــاب. واألهـــــم أنــهــم كـانـوا يـــتـــدربـــون عــلــى الــتــصــفــيــق، ومـــوعـــد كــل جولة منها. هز رأسه رافضا هذه املماثلة، ألنــــه فـــي بــلــد «ديـــمـــقـــراطـــّي» فــــّر إلــيــه من العالم الثالث «املـسـتـبـد». وهـنـا ال مكان للتصفيق للزعماء والساسة، بل للتقريع واملحاسبة، والشتم إن لزم األمر. هكذا ظـن حــارس الكونغرس، الـقـادم من العالم الثالث «املستبد»، حتىّ جـاء ذلك الضيف املـشـؤوم، الــذي قلب كـل قناعاته عـــن «الــــوهــــم الـــديـــمـــقـــراطـــي» الـــــذي طـــارد ســـرابـــه، خـصـوصـا وهـــو يسمع صــوالت وجوالت «التصفيق» لوحش قاتل يقطر دمـــــا، فـــقـــرر حـيـنـهـا أن يـــعـــود إلــــى بـــاده عندما ينتهي الخطاب. لكن الغريب أن الخطاب انتهى منذ أيام، وأما التصفيق فا يزال مستمرا.