Al Araby Al Jadeed

حماس لن تنهزم وإسرائيل لن تنتصر

- علي أنوزال

نشر مقاالن مهمان، في األسبوع املاضي، األول عـــلـــى مـــوقـــع مــجــلــة فــــوريــ­ــن أفـــيـــر­ز األميركية كتبه عالم السياسة األميركي وأســـتـــ­اذ الــعــلــ­وم الــســيــ­اســيــة فـــي جـامـعـة شيكاغو، روبرت. أ. بيب، والثاني للكاتب الـيـهـودي الــبــارز جـدعـون ليفي فـي موقع صحيفة هآرتس. يجمع بينهما حسمهما أن حركة املقاومة اإلسالمية (حماس) لم ولن تنهزم، وأن إسرائيل فشلت في حربها اإلجرامية ضد الشعب الفلسطيني. يــبــدأ مــقــال «فـــوريـــ­ن أفـــيـــر­ز» بـالـتـأكـ­يـد أن «حـــمـــاس» لـــم تــنــهــز­م ولــيــســ­ت عــلــى وشــك الـهـزيـمـ­ة، بــل مــا زالـــت تحتفظ بـــــ08% من قوتها العسكرية، وأن شعبيتها أصبحت أقــــوى مــمــا كــانــت عـلـيـه قــبــل 7« أكــتــوبـ­ـر» .)2023( وفــي املقابل، يــرى صاحب املقال أن إسرائيل فشلت على جميع املستويات تـــكـــتـ­ــيـــكـــ­يـــا وعــــســـ­ـكــــريــ­ــا واســــتــ­ــراتــــي­ــــجــــي­ــــا وأخـــالقـ­ــيـــا. واملـــفــ­ـارقـــة الـــتـــي يــقــف عـنـدهـا الــــكـــ­ـاتــــب أن الـــفـــش­ـــل الــــشـــ­ـامــــل والــــصــ­ــارخ إلســــرائ­ــــيــــل هــــو مــــصــــ­در قــــــوة «حــــمــــ­اس»، معتبرا أن إسـرائـيـل أخفقت فـي إدراك أن املذبحة والدمار اللذين أطلقتهما في غزة منذ نحو تسعة أشهر لم يؤديا سوى إلى زيادة قوة «حماس» وشعبيتها. وكـــــــا­ن الــــكـــ­ـاتــــب اإلســــرا­ئــــيــــ­لــــي الــــيـــ­ـســــاري، جـــدعـــو­ن لــيــفــي، حــاســمــ­ا عــنــدمــ­ا كــتــب أن إسرائيل لم ولن تحقق أي نصر في غزة، وعليها الخروج منها فـورا لتفادي مزيد من الغرق في مستنقعها. وذهـب الكاتب، املــــعــ­ــروف بــنــبــر­تــه املـــنـــ­تـــقـــدة، فــــي مــقــالــ­ه الالذع إلى حد اإلقـرار بأن «حماس»، رغم تلقيها ضربة عسكرية، إال أنها انتصرت دبــــلـــ­ـومــــاسـ­ـــيــــا واجــــتــ­ــمــــاعـ­ـــيــــا وأخــــالق­ــــيــــا واقــــتــ­ــصــــادي­ــــا. وســـخـــر مــــن دولــــتــ­ــه قـــائـــا­ل: «بالطبع، لم يتحقق أي نصر في غزة، ولن يتحقق. ولكن إذا كانت إسرائيل بحاجة إلى مشهد كاذب للنزول عن شجرة الدماء الــتــي صــعــدت إلــيــهــ­ا، ولـــم يــكــن واجـــبـــ­ا أن تصعد إلـيـهـا مـنـذ الــبــداي­ــة، فـمـن األفـضـل إلســـرائـ­ــيـــل أن تــتــصــن­ــع الـــنـــص­ـــر»، قــبــل أن

يضيف «حـمـاس ضـربـت عسكريا، لكنها انتصرت في كل األبعاد األخرى: إسرائيل تــــعــــ­رضــــت لـــضـــرب­ـــة قـــاصـــم­ـــة اجـــتـــم­ـــاعـــيـ­ــا وسياسيا وأخالقيا واقتصاديا». وقــبــل املــقــال­ــني، اعـــتـــر­ف الــنــاطـ­ـق الـرسـمـي بـاسـم جيش الـكـيـان الصهيوني، دانـيـال هاغاري، باستحالة تدمير حركة حماس، قــــــائـ­ـــــال: «الــــــقـ­ـــــول إنـــــنــ­ـــا ســــنــــ­دمــــر حـــمـــاس ونـجـعـلـه­ـا تختفي مــجــّرد ذٍّر لــلــرمــ­اد في عـيـون اإلسـرائـي­ـلـيـني»، قبل أن يضيف إن «حــمــاس فــكــرة، ومـــن يـظـن أنـنـا نستطيع أن نـجـعـلـهـ­ا تـخـتـفـي مــخــطــئ». الـكـاتـبـ­ان األمــــيـ­ـــركــــي واإلســــر­ائــــيـــ­ـلــــي، كـــمـــا الــنــاطـ­ـق الــــرســ­ــمــــي بــــاســـ­ـم الـــجـــي­ـــش الـــصـــه­ـــيـــونـ­ــي، يتفقون على أن الحل العسكري فـي غـزة فـــشـــل، وأن إســـرائــ­ـيـــل خـــســـرت الــكــثــ­يــر من سـمـعـتـهـ­ا وهـيـبـتـه­ـا ومـــن تــعــاطــ­ف الـــرأي العام الغربي معها غداة أحداث 7 أكتوبر، وأصـــبـــ­حـــت مــــنــــ­بــــوذة أكـــثـــر مــــن أي فــتــرة فـــي تــاريــخـ­ـهــا. وعــلــى املــســتـ­ـوى الــداخــل­ــي بـاتـت مــهــددة بـاالنـقـس­ـام والـضـعـف الــذي سوف يعجل بزوالها. وفي املقابل كسبت حــمــاس والـقـضـيـ­ة الفلسطينية تعاطف وإعــــجــ­ــاب الــــــرأ­ي الـــعـــا­م بــصــمــو­د الـشـعـب الفلسطيني ومقاومته التي أثبتت أن قوة اإلرادة أقـوى من كل األسلحة مهما كانت متطورة وفـتـاكـة. ومـع ذلــك، وبعد تسعة أشهر مـن الصمود األســطــو­ري للمقاومة أمــــــام جـــيـــش مـــســـلـ­ــح بــــأحـــ­ـدث األســـلــ­ـحـــة، ومـــدعـــ­وم مـــن أكــبــر الـــقـــو­ى الـعـسـكـر­يـة في الغرب، وفي مقدمتهم أميركا، يأتي بعض املطبعني واالنهزامي­ني العرب، ويؤاخذون عـلـى «حـــمـــاس» مـقـاومـتـ­هـا عــــدوًا غاصبا ومـجـرمـا، ويـعـتـبـر­ون صـمـودهـا فــي وجه آلته الحربية اإلجرامية، بل وتحديها لها عــمــال انــتــحــ­اريــا، تـمـامـا كـمـا اعــتــبــ­روا من قبل طوفانها في وجه غطرسته واحتالله مـغـامـرة غير محسوبة الــعــواق­ــب، وأغلب هــــــؤال­ء ال تــهــمــه­ــم «حــــمــــ­اس» أو الــشــعــ­ب الفلسطيني الـــذي تــركــوه يـجـوع ويـمـوت تحت القصف اإلسرائيلي طــوال الشهور املــاضــي­ــة، بـقـدر مــا يرهبهم خـــروج حركة حــــمــــ­اس، ومـــعـــه­ـــا الـــشـــع­ـــب الــفــلــ­ســطــيــن­ــي،

انتصار المقاومة الفلسطينة اليوم ليس مجرد أمنية عاطفية، وإنما واقع تكشف عنه معطيات الميدان

مـــنـــتـ­ــصـــريــ­ـن مـــعـــنـ­ــويـــا مـــــن أكــــبـــ­ـر وأعـــنـــ­ف وأشــــــر­س حـــــرب تـــشـــن فـــي الـــقـــر­ن الـــواحــ­ـد والعشرين على شعب أعـزل إال من إرادتـه القوية. بعد أكثر من تسعة أشهر من اإلبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني في قطاع غـزة، يأتي االعـتـراف من العدو، من إعالمه ومؤيديه، ومن جيشه، ليشهد شاهد من أهلها، بأن املقاومة الفلسطينية لم تنكسر، بالرغم من كل األسلحة الفتاكة الــــتـــ­ـي جــــــرى تـــجـــري­ـــبـــهــ­ـا فــــي قــــطــــ­اع غــــــزة، وأدت إلى اإلبـادة الجماعية التي ما زالت مــســتــم­ــرة، فــاملــقـ­ـاومــة الـفـلـسـط­ـيـنـيـة، وفــي مقدمتها «حــمــاس»، انتصرت بفعل قوة ســـالح اإلرادة والـتـصـمـ­يـم عــلــى املــقــاو­مــة حتى آخر رمق، والصمود في املفاوضات وفــرض شروطها بكل تصميم وشجاعة. وســــــوف يـــأتـــي الــــيـــ­ـوم الــــــذي تـــــــدر­س فـيـه أســالــيـ­ـب املـــقـــ­اومـــة الـفـلـسـط­ـيـنـيـة فـــي غــزة طيلة الـشـهـور املـاضـيـة، فـي األكـاديـم­ـيـات الـــعـــس­ـــكـــريـ­ــة، تـــمـــام­ـــا كـــمـــا تـــــــــ­درس الـــيـــو­م، فــــي األكــــاد­يــــمــــ­يــــات نـــفـــسـ­ــهـــا، فـــنـــون حـــرب العصابات التي ابتدعها «الفيتكونغ» في حرب فيتنام في مواجهة الواليات املتحدة في سبعينات القرن املاضي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar