قلق اقتصادي فرنسي من نتائج االنتخابات التشريعية
من المتوقع أن تكون لنتائج االنتخابات التشريعية في فرنسا تداعيات كبيرة على االقتصاد الفرنسي، بخاصة سوق السندات واألسهم
يــنــتــاب الــقــلــق ســــوق الـــســـنـــدات الــعــاملــيــة من توجهات أوروبا السياسية املثقلة بالديون، حيث يظل التركيز على السياسة الفرنسية بـصـفـتـهـا ثـــانـــي أكـــبـــر اقـــتـــصـــاد فـــي منطقة الـــيـــورو بــعــد أملـــانـــيـــا. ويـــراقـــب املـسـتـثـمـرون بتوتر شديد نتائج االنتخابات املبكرة في فــرنــســا، مـــع تــحــديــد الــجــولــة األولـــــى فـــي 30 يونيو/ حزيران. ويراقب املحللون أيضًا البيانات ملعرفة كيف يتعافى اقتصاد منطقة اليورو، وخصوصًا ما هي املؤشرات التي يمكن االستناد إليها على أن نتائج االنتخابات الفرنسية املقبلة تــضــر بـمـعـنـويـات املـسـتـثـمـريـن فـــي الــديــون األوروبــــيــــة، وال سـيـمـا أن هــنــالــك قــالقــل من أن تسبب نتائج االنتخابات فـقـدان السوق الثقة بـديـون الـبـالد، ودفــع الـفـارق الفرنسي للسندات أجـل 10 سنوات إلـى ما يزيد على مستوى 100 نقطة أساس. في هذا الشأن، قال مصرف اليانز الفرنسي فـي تقرير حـديـث: «كــان االقتصاد الفرنسي فـــي حـــالـــة ركـــــود لــبــعــض الــــوقــــت، كـــذلـــك فــإن املوارد املالية العامة منهكة». وتـــعـــانـــي فـــرنـــســـا بـــاســـتـــمـــرار مــــن عـــجـــز فـي املــيــزانــيــة الــعــامــة أكــبــر مــن مـتـوسـط منطقة الــيــورو، بـل وأكـثـر مـن ذلــك مـقـارنـة بأملانيا.
وعـــلـــى عـــكـــس بـــعـــض دول مــنــطــقــة الـــيـــورو األخـــــرى، لــم تــجــر فـرنـسـا إصـــالحـــات كبيرة على اقتصادها، خصوصًا في سوق العمل، خــالل أزمـــة الــديــون السيادية األوروبــيــة في الفترة مـن .2010-2009 ووفــق املـصـرف، فإن احــتــمــال قــيــام حـكـومـة شـعـبـويـة فــي فرنسا تسعى لزيادة اإلنفاق العام يعد خطرًا على األسواق. أمــــــا الـــتـــحـــدي الــــثــــانــــي، فــــيــــرى املــــصــــرف أن فــرنــســا تـخـلـفـت عـــن دول أخـــــرى عــلــى مــدى الـــعـــقـــد املــــاضــــي فــــي تـــولـــيـــد الـــنـــمـــو. ووفـــقـــًا لتوقعات صندوق النقد الدولي، من املتوقع أن يتخلف نصيب الـفـرد فـي الناتج املحلي اإلجـمـالـي عــن نـظـيـره فــي الـــواليـــات املتحدة وأملانيا على مدى السنوات الخمس املقبلة. ويساعد هذا في تفسير نجاح حزب زعيمة الـــيـــمـــني املـــتـــطـــرف الـــفـــرنـــســـي مــــاريــــن لـــوبـــان فـــي انــتــخــابــات االتـــحـــاد األوروبـــــــي. وتـشـيـر الـــتـــقـــديـــرات املــســتــنــدة إلــــى الـــبـــرنـــامـــج الـــذي وضعته لوبان عندما ترشحت للرئاسة في عام 2022 إلى أن تكلفة سياسات الحزب على االقتصاد الفرنسي ستبلغ 101 مليار يورو. وفـي الـواقـع، يخطط حـزب الجبهة الوطنية الـــذي تــقــوده لــوبــان إلجــــراء إصــالحــات على مرحلتني لطمأنة األســـواق فـي وقــت تعاني فرنسا بالفعل من مستويات عالية من الدين العام. وقد يؤجل تنفيذ بعض اإلصالحات، مثل التزام تخفيض سن التقاعد إلى 60 عامًا لبعض العمال، والتخفيض املقترح لضريبة
فرنسا تعاني من ارتفاع الديون السيادية وزيادة كلف خدمتها القيمة املضافة بقيمة 7 مليارات يورو على السلع األساسية املنزلية. كذلك يرغب حزب الجبهة الوطنية في تنفيذ بعض السياسات االقـتـصـاديـة الـتـي تجعل منه حـزبـًا معتدال ومــــســــؤوال لـتـعـزيـز فــرصــه فـــي االنــتــخــابــات الرئاسية لعام .2027 ويـــرى محللون أن األســــواق تجد سياسات التحالف اليساري أكثر إثارة للقلق، وتشمل عــادة فـرض ضريبة الـثـروة، وزيـــادة ضريبة الدخل على أصحاب الدخل األعلى، وتجميد أسعار املواد الغذائية األساسية والطاقة. ويــــعــــد الــتــنــافــس لـلـسـيـطـرة عــلــى الجمعية الــوطــنــيــة واحـــــدًا مـــن أكــثــر الـــصـــراعـــات الـتـي تـــخـــضـــع لـــلـــتـــدقـــيـــق مـــنـــذ عـــــقـــــود. ويـــطـــالـــب املستثمرون الذين يشعرون بالقلق من أن أي فائز من الكتلتني قد يسبب تضخم قروض فرنسا، وزيادة عالوة املخاطر على سنداتها بــأكــبــر نـسـبـة مــنــذ عـــام ،2012 ويــتــســاءلــون عـمـا إذا كـانـت فرنسا ستكمل أزمـــة الـديـون الـسـيـاديـة األخــيــرة الـتـي ضـربـت أوروبــــا في بداية العقد الثاني من القرن الحالي. ويـــقـــدر بـنـك بـاركـلـيـز الـبـريـطـانـي أن عـــالوة الـعـائـد عـلـى الــســنــدات الـسـيـاديـة الفرنسية مقارنة بالسندات األملانية ستبقى مرتفعة عند حوالى 80 نقطة أساس. ولكن مع املزيد من التوسع املالي في اإلنفاق، من املمكن أن ترتفع العالوة إلى أكثر من 100 نقطة أساس، وهــــو املـــســـتـــوى الـــــذي شـــوهـــد آخــــر مــــرة في أعماق أزمة الديون في منطقة اليورو. عـلـى صعيد أداء األســهــم، يـقـول «بـاركـلـيـز» إن أداء األســـهـــم الــفــرنــســيــة سـيـعـتـمـد على مـدى دفـع الحزب لإلمكانات املالية الضيقة فــي فــرنــســا. فــــإذا قــامــت الـحـكـومـة بمحاكاة حكومة ميلوني، فقد تستفيد األسهم. ولكن إذا تدهورت مقايضات االئتمان في فرنسا، فــإن الـقـطـاعـات األكـثـر عـرضـة للخطر، وهي البنوك والبناء واملــرافــق والــدفــاع، ستعاني من التدهور.