Al Araby Al Jadeed

الهجرة والتضخم والقدرة العقلية

- واشنطن ـ العربي الجديد

يستعد الرئيسان األميركيان، الحالي جو بايدن، والسابق دونالد ترامب، لمناظرة أولى بينهما، مساء الخميس المقبل، في ظل فرض الهجرة والتضخم ملفين أساسيين للنقاش. كما تشير التوقعات لتوجه ترامب لمهاجمة بايدن بشأن قدرته العقلية

بــــاشـــ­ـر الــــرئــ­ــيــــســ­ــان األمــــيـ­ـــركــــي­ــــان، الــــحـــ­ـالــــي جــــو بـــــايــ­ـــدن، والـــســـ­ابـــق دونــــالـ­ـــد تــــرامــ­ــب، تــحــضــي­ــراتــهــ­مــا ألول مــنــاظــ­رة لـهـمـا مـــقـــرر­ة مــســاء الخميس املقبل، وسـط عناوين كبرى من املفترض أن يناقشها املرشحان، مثل التضخم والهجرة وأيضًا القضايا الدولية من الشرق األوسط إلــــى أوكـــرانـ­ــيـــا والــــصــ­ــن. ومــــن املـــفـــ­تـــرض أن تشكل املناظرة األبـكـر مـن نوعها فـي تاريخ الـــرئـــ­اســـيـــا­ت األمــيــر­كــيــة اخـــتـــب­ـــارًا لـقـدرتـهـ­مـا على جــذب الناخبن املستقلن واملـتـردد­يـن، خــصــوصــًا أن املـــنـــ­اظـــرة الــثــانـ­ـيــة واألخــــي­ــــرة، املقررة في 10 سبتمبر/أيلول املقبل، ستكون حــاســمــ­ة لــهــمــا، قــبــل رئـــاســـ­يـــات 5 نـوفـمـبـر/ تشرين الثاني املقبل. وفي سياق التحضير ملــنــاظـ­ـرة الـخـمـيـس املــقــبـ­ـل، اعــتــزل بــايــدن في منتجع كـامـب ديفيد، مـع فـريـق مـن الخبراء للتحضير، وهـــو أمـــر كـــان يحصل عـــادة في البيت األبـيـض، فـي حـال كـان املـرشـح رئيسًا حاليًا، غير أن هذه املرة احتاج األمر إلى مكان أكثر عزلة لبايدن، كونه ال يحتمل في املنازلة مـع تـرامـب ارتـكـاب أي هفوة أو زلــة لسان أو الـخـروج عـن السياق املـرسـوم ألجـوبـتـه، كما حصل مرات عدة له. وهو أمر ركز عليه ترامب مرارًا، لإلشارة إلى أن بايدن «ضعيف الذاكرة والفطنة بحكم تقدمه في السن». ومــــــع ذلـــــــك، فــــــإن الـــــســ­ـــؤال األهــــــ­ـم املـــــطـ­ــــروح، هــو مــا إذا كـــان لـــدى بــايــدن الـــقـــد­رة البدنية والعقلية للضغط على تـرامـب، في املناظرة الـتـي ستستمر 90 دقيقة فــي اسـتـديـو قناة «ســـي أن أن» فــي أتـانـتـا ـ جــورجــيـ­ـا. ويـأمـل الــديــمـ­ـقــراطــي­ــون أن يتمكن بــايــدن مــن جلب الطاقة نفسها التي أبداها في خطاب حالة االتــــحـ­ـــاد فــــي 7 مـــــــــ­ــارس/آذار املــــاضـ­ـــي. لـكـن املــواجــ­هــة عـلـى الـــهـــو­اء مــبــاشــ­رة ضـــد خصم يستمتع بالقتال اللفظي تختلف تمامًا عن خـطـاب مكتوب أمـــام الـكـونـغـ­رس. واملـعـروف أن عــمــر بـــايـــد­ن 81( عــــامـــ­ـًا)، أثـــــار تـحـفـظـات لــــدى الــنــاخـ­ـبــن عـــمـــوم­ـــًا، ومــنــهــ­م مـــن حــزبــه الديمقراطي، خصوصًا فـي ظــل عــدم قدرته حتى اآلن مـن التقدم على تـرامـب بأكثر من نــقــطــة أو اثـــنـــت­ـــن، إذ أظـــهـــر­ت اســتــطــ­اعــات عـدة، أجريت أخيرًا، أن تنافس الثنائي غير محسوم، وذلك على الرغم من إدانة الرئيس الـــســـا­بـــق فــــي دعـــــــو­ى دفـــــع أمــــــــ­وال لـلـمـمـثـ­لـة اإلبــاحــ­يــة الـسـابـقـ­ة ســتــورمـ­ـي دانــيــال­ــز، على وقع صدور الحكم بحقه في 11 يوليو/تموز املقبل. كما أن املحاكمات جارية ضد ترامب في ثاث دعاوى جنائية أخرى. أمــــــا تــــرامــ­ــب فـــلـــدي­ـــه فــــرصـــ­ـة لـــخـــطـ­ــف تــأيــيــ­د الـــنـــا­خـــبـــن املـــتـــ­أرجـــحـــ­ن واملـــعــ­ـتـــدلـــ­ن الـــذيـــ­ن سـاهـمـوا فــي فــوز بــايــدن قبل أربـــع سـنـوات، بـيـنـمـا عــــبــــ­روا أخـــيـــرًا عـــن مــخــاوفـ­ـهــم بـشـأن املـــرشــ­ـحـــن. وبــغــيــ­ة كــســب هــــــؤال­ء، ال يمكن لـــتـــرا­مـــب بــبــســا­طــة أن يــمــيــل إلــــى اإلهـــانـ­ــات الشخصية ونـظـريـات املــؤامــ­رة الـتـي تهيمن

عزل بايدن نفسه في كامب ديفيد تحضيرًا لمناظرة الخميس

عــادة على ظهوره الـعـام. وبــدال من الحديث عــــــن االنـــــت­ـــــقــــ­ـام أو األكــــــ­ـاذيــــــ­ـب حـــــــول نـــظـــام االنــتــخ­ــابــات األمــيــر­كــيــة، سـيـحـتـاج الـرئـيـس السابق إلى تقديم رؤية متفائلة للمستقبل، ورســــم صــــورة مـتـنـاقـض­ـة مـــع بـــايـــد­ن بـشـأن قضايا الرعاية الصحية والتعليم. وتــكــمــ­ن أهــمــيــ­ة مــنــاظــ­رة الـخـمـيـس فـــي أنـهـا تـأتـي قبل أوانــهــا، كــون مـوعـدهـا فـي الـعـادة يـــكـــون بــــن يـــولـــي­ـــو وأغــــســ­ــطــــس/آب مــــن كـل عـــام انـتـخـابـ­ي، عـلـى أن تتبعها الـثـانـيـ­ة في سـبـتـمـبـ­ر. حـصـولـهـا اآلن قـــد يـفـسـح املــجــال بــاكــرًا لـبـدايـة تـبـلـور الـنـبـض االنـتـخـا­بـي في صـفـوف املستقلن والـوسـطـي­ـن املــتــرد­ديــن، املمسكن بمفتاح الفوز والهزيمة. من يتفوق فيها يمكنه أن يؤسس لترسيخ أو تحسن

وضـــعـــه حـــتـــى ولـــــو بــــفــــ­ارق بـــســـيـ­ــط. غـــيـــر أن القاسم املشترك بن بايدن وتـرامـب يتجلى في عدم قبولهما لدى الناخبن، إذ إن حوالي %70 من الناخبن من الحزبن، الجمهوري والـديـمـق­ـراطـي، يفضلون مـرشـحـن آخـريـن. صعود رصيد الواحد منهما مربوط بهبوط رصـــيـــد خـــصـــمـ­ــه، ولـــيـــس بــاســتــ­حــقــاقــ­ه هـــذا الصعود. ضــمــن هـــذه املـــعـــ­ادلـــة، مـــن املــتــوق­ــع أن يغلب على املـنـاظـر­ة الـطـابـع السلبي على حساب املنافسة فـي السياسات والــبــرا­مــج. فـي هذا املجال يحمل كاهما أوراقًا قوية ضد اآلخر قد تساعده لتسجيل نقاط ضده. بيد بايدن أوراق انتخابية فعالة تتراوح بن املعالجات االجتماعية، وقضية املناخ، ومشاكل ترامب القضائية. وفــي الــوقــت نفسه، يـــدرك بايدن أن ترامب قد ياحق ابنه، هانتر، الذي أدين أخـــيـــرًا بـــثـــاث تــهــم جــنــائــ­يــة تـتـعـلـق بــشــراء ســـــــاح. كـــمـــا أثـــــــا­ر تــــرامــ­ــب تـــــســـ­ــاؤالت حـــول التعامات التجارية الخارجية لهانتر بايدن. في املقابل، يمسك ترامب بأوراق ال يستهان بها، محلية وخارجية، مثل الغاء املعيشي فـي الــواليــ­ات املـتـحـدة بفعل التضخم، وهو البند املؤثر بدرجة كبيرة في خيار الناخب األميركي. وكذلك مسألة الحدود مع املكسيك فـي عهد بـايـدن، التي تحولت إلــى أزمـــة. أما بالنسبة إلى امللفات الخارجية فإن ادعاءات رئــــيـــ­ـس الـــحـــك­ـــومـــة اإلســـرائ­ـــيـــلــ­ـيـــة بــنــيــا­مــن

نتنياهو أن إدارة بــايــدن أوقــفــت أو خففت تـزويـد إسـرائـيـل باألسلحة فـي حربها على غـزة، جـاءت في الوقت املناسب، وعلى طبق مـــن فــضــة لـــتـــرا­مـــب، الـــــذي سـيـسـتـغـ­لـهـا ضد بايدن الذي يتباهى بأنه أكثر رئيس أميركي دعم إسرائيل. فـي املقابل، دفــع تـهـاون بـايـدن مـع نتنياهو إلى االستغراب، حتى لدى أوساط محسوبة عـــلـــى إدارتـــــ­ـــــه، إذ اســـتـــق­ـــال تــســعــة مــوظــفــ­ن مـــن اإلدارة مــنــذ بــــدء الــــعـــ­ـدوان اإلســرائـ­ـيــلــي عــلــى غــــزة، وذلــــك احــتــجــ­اجــًا عــلــى سياسته املنحازة إلسـرائـيـ­ل. وآخــر املستقيلن نائب مساعد وزيــر الخارجية، املشرف على ملف الــشــؤون الفلسطينية ـ اإلسـرائـي­ـلـيـة، أنــدرو ميلر. ومـن شبه املؤكد أن يتبنى ترامب في املناظرة روايــة نتنياهو عن الـسـاح، والتي يبدو أنه افتعلها لحساباته، ومنها إدخالها بندًا في الحملة االنتخابية لصالح ترامب، بـمـا يــزيــد مــن فـــرص حـصـولـه عـلـى أصـــوات مؤيدين إلسـرائـيـ­ل. يــرى مدير حملة بايدن االنـــتــ­ـخـــابـــ­يـــة، مـــايـــك­ـــل تـــايـــل­ـــر، أن «املـــنـــ­اظـــرة ستكون فرصة متاحة ألكبر شريحة ممكنة من الناخبن األميركين ملشاهدة جو بايدن، الــــــذي يـــقـــات­ـــل مــــن أجـــــل الـــشـــع­ـــب األمـــيــ­ـركـــي، ودونــالــ­د تـرامـب الـــذي يقاتل مـن أجــل نفسه كمجرم مدان»، حسبما نقلت عنه قناة «سي أن أن». غير أن هــذه املـنـاظـر­ة، بحسب كـارل روف، وهـو استراتيجي جمهوري بــارز قاد حملتي الرئيس األسبق جورج دبليو بوش الناجحتن، لواليتي 2001( ـ )2005 2005(و ـ ،)2009 تعد «نقطة تحول كبيرة». ونقلت عنه صحيفة نـيـويـورك تـايـمـز قــولــه: «هـــل يمكن أن يــكــون بـــايـــد­ن مـقـنـعـًا مــمــا يـجـعـل الــنــاس يقولون: حسنًا، ربما يكون الـرجـل العجوز قــادرًا على ذلــك؟». أمـا في ما يتعلق بترامب فرأى: «سيقول الناس إن االنتخابات متعلقة بـــنـــا، ال بـــــه»، لــجــهــة قـــــدرة الـــرئـــ­يـــس الــســابـ­ـق عـلـى مـعـالـجـة الـتـضـخـم والــهــجـ­ـرة، وغيرها مـن القضايا املرتبطة بالوضع االقتصادي الداخلي.

 ?? (ميغيل كانديال/ytteG) ?? مناظرة بايدن وترامب )2020( على غالف صحيفة في هونغ كونغ
(ميغيل كانديال/ytteG) مناظرة بايدن وترامب )2020( على غالف صحيفة في هونغ كونغ

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar