Al Araby Al Jadeed

بوتين يبحث عن حلفاء

- فاطمة ياسين

بعد أن تصاعدت لهجة التهديد األوروبـيـ­ة في وجهه، يبحث الرئيس الروسي، فالديمير بــوتــني، بشكل محموم عــن مـزيـد مــن الـحـلـفـا­ء. فالرئيس الفرنسي ماكرون، الذي استخدم لغة الوعيد ضده، ال يبدو وحيدًا، بل يضاف إلى حلف من دول أوروبا الشرقية التي ال تطيق سياسات بوتني العسكرية. وكاد الزخم األميركي الداعم ألوكرانيا أن يستعيد كامل قوته بعد املوافقة على حزمة جديدة من املساعدات املالية. توجه بوتني بشكل خـاص نحو الشرق األقـصـى، حيث كانت الصني مرشحًا قويًا لتوثيق العالقة معها، فقد أعلنت الصني منذ حرب بوتني على أوكرانيا موقفًا أكثر ميال إلى روسيا. أراد بوتني أن يستفيد من واقع يقول إن الصني ذات اقتصاد هائل يكاد يغطي وجه الكوكب، فحاول التقرب أكثر منها بزيارتها مرتني خالل األشهر الستة األخيرة. وكانت املرة الثانية قبل شهر تقريبًا، وجـرى خاللها الحديث عن تعاون ال محدود بني البلدين، من دون أن ينعكس ذلك على الواقع بشكل ملحوظ في الشهر التالي. ثم بشكل مفاجئ بعد شهر، يظهر بوتني في بيونغ يانغ، معانقًا الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، في خطوة تظهر التمسك الروسي بتلك املنطقة، ومحاولة استمالتها بشكل واضح وعلني لصالحه. رغم امتالك روسيا موطئ قدم لها على الشاطئ الشرقي للبحر املتوسط في ميناء طرطوس السوري، عالوة على قاعدة جوية في الالذقية، وامتالكه نافذة واسعة على البحر األسود، بعد أن استولى على شبه جزيرة القرم، فإنها ال تبدو في وضع استراتيجي جيد، فللوجود العسكري الفعال في هذه املناطق تكلفة عالية، وهـي بحاجة ألن تدافع عن هـذا الـوجـود، ليس بأساليب عسكرية فقط، بل أيضًا بطرق دبلوماسية أيضًا. ولهذا السبب، يركض بوتني ملالقاة الزعيم الصيني، شي جني بينغ، مّرة ومرتني، وعندما ال يجد استجابة كافية أو ُمرضية له، يهّب للقاء شخٍص ال يرغب أحد في االجتماع معه، وهو زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون. كانت العالقات مع كوريا الشمالية في العهد السوفييتي عادية وبروتوكولي­ة. ورغم تشابه نظام الحكم الداخلي فيهما، إال أن السوفييت كانوا، في ما مضى، يريدون أتباعًا ومريدين لتنفيذ أهداف الكرملني، وال يريدون حلفاء. ولذلك لم تكن العالقة بنيّ البلدين بذاكّ العمق، فقدّ حافظ جد الرئيس الحالي، كيم إيل سونغ، الزعيم املؤسس، على تفرد خاص، قربه أكثر من الصني في تلك الحقبة التي كانت العالقات الصينية السوفييتية في أثنائها في أدنى مستوياتها. ويبدو أن هناك منفعة مشتركة حقيقية بني البلدين دفعت بوتني إلى املسارعة إلى بيونغ يانغ قبل أيـام. تريد روسيا ذخائر وأسلحة، وتحتاج مقاتلني للحرب. وتريد كوريا الشمالية مزيدًا من التكنولوجي­ا العسكرية، وخصوصًا في مجال الصواريخ بعيدة املدى. ويمكن لروسيا أن تقدم هذه التكنولوجي­ا بسهولة، ويمكن أن تقدم كوريا الشمالية ذخائر ومتطوعني، األمر الذي يحدث حالة تعاون استثنائي، قد تنغص مـزاج الزعيم الجار في الصني، وهو يتابع تعاونًا قويًا قام أساسًا على حسابه، ما يمكن أن يدفعه ليسبب عوائق أمام إتمام صفقة من هذا النوع، كأن يزيد مـن تعاونه مـع الـــروس، وقـد تكون تلك غاية بوتني أصـــال، رغـم أن تعاونًا صينيًا أكبر مع روسيا له أن يعقد املسألة، بحيث يدفع أميركا جديًا إلى اتخاذ املوقف الفرنسي نفسه الذي يحاول االنخراط أكثر فأكثر في حرب أوكرانيا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar