عرض إلنشاء مصفاة روسية شرقي ليبيا
تسعى روسيا إلى تعزيز وجودها االقتصادي في ليبيا، وفي هذا اإلطار، تلقت شركة نفط روسية عرضًا من الحكومة المكلفة من مجلس النواب ببناء مصفاة شرقي البالد
قــدمــت الـحـكـومـة املـكـلـفـة مــن مـجـلـس الــنــواب إلـــى شــركــة تـــات نـفـط الــروســيــة عــرضــا لبناء مصفاة شرقي ليبيا كجزء من الجهود لجذب االسـتـثـمـارات إلــى املنطقة، ولكن فـي املقابل، أكــد مراقبون أن ليبيا ليست فـي حاجة ملثل هــذه الـشـراكـة، فهي قـــادرة على بـنـاء مصاف جــــديــــدة، ولـــكـــن عــــن طـــريـــق مـــؤســـســـة الــنــفــط الـلـيـبـيـة املــخــتــصــة بـــهـــذا األمــــــر. وكـــــان وزيـــر االسـتـثـمـار فــي حكومة الــشــرق غير املعترف
بها دوليًا علي السعيدي القايدي قد اقترح إنشاء مصفاة روسية في ليبيا. وأوضـــــــح الــــقــــايــــدي فــــي تـــصـــريـــحـــات ســابــقــة لـصـحـيـفـة نــوفــوســتــي الــروســيــة أن «روســيــا تمتلك الكثير من النفط الخام، لكن إمداداتها اآلن صعبة بسبب الـعـقـوبـات والــحــظــر، هـذا األمـــر مــن املمكن أن تساهم فــي حله مصفاة تــنــشــأ فــي ليبيا ويــنــقــل الـنـفـط الــخــام إليها ومـن ثم بيع املشتقات النفطية». وأضــاف أن الــشــركــة الـــروســـيـــة يـمـكـنـهـا أيــضــًا اســتــخــدام النفط املوجود في ليبيا لتكريره ومعالجته. وقــال: «لدينا احتياطيات ال تـصـدق»، معربًا عــن أمــلــه أن يـتـم االتـــفـــاق. وصــــرح بــأنــه وجـه دعـــــوة لــلــشــركــات الـــروســـيـــة لــاســتــثــمــار في بـــاده، مــؤكــدًا أن األبــــواب مفتوحة أمـــام هذه الشركات للمشاركة في مشاريع في مختلف الـقـطـاعـات. وفـــي هـــذا الـسـيـاق، يـقـول الخبير الــنــفــطــي حـــســـن الـــصـــديـــق، فــــي تــصــريــحــات لـــ«الــعــربــي الــجــديــد»، إن روســيــا تـسـعـى إلـى مشروعات اقتصادية جديدة لبسط نفوذها االقتصادي مع وجودها العسكري. وأضــاف أن ليبيا ليست بحاحة إلـى مصفاة جـــديـــدة شــرقــي الـــبـــاد، وأن مــؤســســة الـنـفـط الليبية هي الجهة املعنية بإنشاء املصافي، ولــــديــــهــــا مـــــشـــــروع مـــصـــفـــاة الــــجــــنــــوب الـــــذي تـأخـر كـثـيـرا فــي التنفيذ مـنـذ عـشـر سـنـوات. ومـــن جـانـبـه، أكـــد املـحـلـل االقــتــصــادي محمد الـشـيـبـانـي أن الــتــوســع االقـــتـــصـــادي لـنـشـاط الشركات الروسية فـي ليبيا سـوف تكون له تأثيرات ليست لصالح الدولة الليبية في ظل الصراع الروسي الغربي على ليبيا. وأضـــــاف الـشـيـبـانـي لـــ«الــعــربــي الـــجـــديـــد»: ال يقتصر انخراط روسيا في ليبيا على املجال االقـتـصـادي، بـل هناك تحرك عسكري أيضا. وقال: املطلوب رفع معدالت اإلنتاج في الباد لتحسن إيــــرادات النقد األجنبي واملساهمة فـــي اســـتـــثـــمـــارات تــســهــم فـــي تـحـقـيـق إضــافــة اقتصادية بعيدًا عن الصراع الجيوسياسي بـن الـغـرب وروســيــا. الـشـركـات الـروسـيـة لها حضور ملحوظ في ليبيا، خاصة في مجاالت النفط والطاقة والبنية التحتية. ومنذ اندالع النزاع في ليبيا وسقوط نظام معمر القذافي فـــي عــــام ،2011 تــســعــى روســـيـــا إلــــى تـعـزيـز نـفـوذهـا االقــتــصــادي والـسـيـاسـي فــي الـبـاد، كما تتطلع الشركات الروسية، مثل غازبروم وروسنفت، إلـى استعادة وتعزيز عملياتها فـــي لـيـبـيـا، خــاصــة فـــي قــطــاع الـنـفـط والـــغـــاز. تعمل هذه الشركات على استئناف املشاريع القديمة وإطـــاق مشاريع جـديـدة فـي البنية التحتية النفطية واملشاريع املتعلقة بالغاز الطبيعي. وتهدف ليبيا إلى تعزيز إنتاجها النفطي إلى مليوني برميل يوميًا بحلول عام ،2030 وتحتاج إلى استثمارات تصل إلى 17 مليار دوالر لتحقيق هذا الهدف. ليبيا أيضًا تتجه إلى إطاق جولة تراخيص دولية ألول مــرة منذ عشرين عــامــا، فــي مـحـاولـة لتعزيز االستكشاف واإلنتاج في الباد. وفي الوقت الحالي، يستورد الكثير من الوقود من روسيا عبر وسطاء، ولكن في املقابل، تجرى عمليات تـهـريـب إلـــى الـــخـــارج، مــا يـكـبـد الــبــاد مبالغ مـالـيـة طـائـلـة. وبـلـغـت تكلفة تـهـريـب الـوقـود وفــقــًا ملــصــرف لـيـبـيـا املـــركـــزي ســتــة مــلــيــارات دوالر فــــي عـــــام ،2022 وهـــــي بــــا شــــك عـقـبـة رئيسية أمـــام تنمية بلد شهد إخـفـاقـات في البنية التحتية. وكشف تحقيق أجرته وكالة بلومبيرغ أن مـا يصل إلــى %40 مـن الـوقـود الذي يستورد إلى الباد بموجب برنامج دعم حكومي يتسرب أثناء التجارة غير املشروعة.