مجزرة رفح في اإلعالم... أذرع إسرائيل ال تتعب
بعد مرور أسبوع على مجزرة رفح، يتواصل النقاش حول التغطية اإلعالمية، وقد عملت منظمات إسرائيلية على نفي ارتكاب االحتالل فظائع، واتهام اإلعالم بالتضليل
مـــــر أســــبــــوع عـــلـــى املـــــجـــــزرة الـــتـــي ارتــكــبــهــا االحتالل اإلسرائيلي في مخيم للنازحني في رفح، جنوبي قطاع غزة، وحتى هذه اللحظة ال تــزال جماعات الضغط اإلسرائيلي تنكر وحـشـيـة املـــجـــزرة والـــصـــور والـلـقـطـات التي انــتــشــرت حــولــهــا. ولـــعـــل املـــحـــرك األســاســي لــهــذا اإلنـــكـــار، منظمة أونـــســـت ريـبـورتـيـنـغ الصهيونية التي تعمل منذ أول أيـام حرب اإلبـــــــادة عــلــى تــشــويــه ســمــعــة الـصـحـافـيـني املتضامنني مع الفلسطينيني، واملؤسسات اإلعــالمــيــة الــتــي تـنـشـر تــقــاريــر عـــن املــجــازر اإلســـــرائـــــيـــــلـــــيـــــة. وكــــــــــان طــــــيــــــران االحـــــتـــــالل اإلســـرائـــيـــلـــي قــــد ارتــــكــــب مــــجــــزرة فــــي رفـــح جـنـوبـي قـطـاع غـــزة، بـعـدمـا شـــن غـــارة على مخيم للنازحني تسببت باستشهاد أكثر من 45 فلسطينيا وإصابة أكثر من 200 آخرين معظمهم من النساء واألطفال. الجريمة، التي هــزت مواقع التواصل والـــرأي العام العاملي وحــــركــــت الـــحـــكـــومـــات لــلــشــجــب والـــتـــنـــديـــد، بــررهــا جيش االحــتــالل بـالـقـول إن «ذخـائـر أو مــــادة مـتـفـجـرة أخــــرى هــي الــتــي تسببت في االنفجار الثانوي والحريق». االدعـاءات ذاتـــهـــا روجـــــت لــهــا «أونـــســـت ريــبــورتــيــنــغ»، بـالـرغـم مــن أنــهــا تــدعــي أنــهــا مـؤسـسـة غير ربحية مهمتها «الفضح والــرد على انعدام الـــدقـــة واالنـــحـــيـــاز» فـــي الـتـغـطـيـة اإلعـالمـيـة حول إسرائيل. فقد انتقدت كل التقارير التي تــديــن إســرائــيــل وانـتـقـت تصريحًا ملـسـؤول أمـيـركـي ادعـــى أن السبب املحتمل للحريق هو «إصابة شظية من الهجوم بخزان وقود واشتعال الـنـار فيه، ثـم امـتـدت النيران إلى مخيم قريب» بحسبه. واتـهـمـت صحيفة ذا غـــارديـــان البريطانية إسـرائـيـل بتنفيذ غـــارة جـويـة «قـاتـلـة» على «خـــيـــام تـــــؤوي الـفـلـسـطـيـنـيـني الـــنـــازحـــني»، وأكـــــدت صحيفة لـــوس أنـجـلـيـس تـايـمـز أن جــيــش االحـــتـــالل قــتــل الـــعـــشـــرات فـــي «غــــارة على مخيم». وفي الوقت نفسه، نقلت وكالة أسوشييتد بـــرس عــن مـسـؤولـني فــي وزارة الـصـحـة فــي غـــزة أن 45 شخصًا عـلـى األقــل قتلوا عندما أصابت غارة مخيمًا وتسببت في نشوب حريق كبير. وأكـدت ABC News أيـضـًا أرقـــام وزارة الصحة فـي غـــزة. وكذلك نقلت هيئة اإلذاعة البريطانية (بي بي سي) عن نائب رئيس الــوزراء األيرلندي، ميشيل مــارتــن، إدانــتــه الــغــارة الـجـويـة اإلسرائيلية على مخيم للنازحني الفلسطينيني، ووصفه إيــــاهــــا بــــ «الـــهـــمـــجـــيـــة». وحـــتـــى «نـــيـــويـــورك تايمز»، التي انحازت بشكل واضــح لرواية االحـــتـــالل مـنـذ الــســابــع مـــن أكــتــوبــر، نشرت مقاال بعنوان: «أجساد متفحمة وصرخات»
مقارنة بين تغطية اإلعالم لمجزرة رفح و«طوفان األقصى»
يصف «مشاهد الرعب بعد غارة جوية على أحد املخيمات». كل هذه التقارير اعتبرتها املنظمة الصهيونية غير مقنعة، بل وانتقدت كل واحد منها، إذ وصفت تقرير ذا غارديان بــــاالتــــهــــامــــات الـــعـــشـــوائـــيـــة، وتـــقـــريـــر لـــوس أنجليس بــــ«املـــزاعـــم» غـيـر املــدعــومــة بــأدلــة، وشككت في أرقـام أسوشييتد برس وABC .News ووصـــفـــت تــصــريــحــات مـــارتـــن الـتـي نقلتها «بــي بـي ســي» بأنها «تحريضية». حتى أنـهـا اعتبر تقرير صحيفة نيويورك تـايـمـز خبيثًا تــجــاه إســرائــيــل. ومـــن وجهة نــظــر «أونــــســــت ريـــبـــورتـــيـــنـــغ»، فـــــإن تغطية وســـائـــل اإلعــــــالم لـــجــرائـــم مـــجـــزرة رفــــح هو «اختيار متعمد لتأطير حادث رفح املأساوي بـاعـتـبـاره هجومًا إسرائيليًا متعمدًا على املـدنـيـني الفلسطينيني الـذيـن يحتمون في مخيم لـالجـئـني». وادعــــت أن «هـــذا جـــزء من نمط متكرر حيث تشير وسائل اإلعالم هذه قبل األوان، ومـن دون أدلــة، إلـى أن إسرائيل مـــذنـــبـــة بـــارتـــكـــاب جــــرائــــم حـــــرب خـــطـــيـــرة»، متناسية أن الـعـكـس هــو مــا يــحــدث غالبًا، وأن التغطية الصحافية في اإلعـالم الغربي لطاملا جنحت لتبرئة إسرائيل، واملساهمة في إفالتها من العقاب. وبعيدًا عن اتهامات «أونست ريبورتينغ»، فإن مجزرة رفح فتحت الباب أمام أسئلة مستمرة حتى اليوم، حول ازدواجـيـة اإلعــالم الغربي، إذ غـرد اإلعالمي األمــيــركــي الـبـريـطـانـي، مــهــدي حـسـن أخـيـرًا قــائــال: «هـنـاك مقاطع فيديو خــرج مـن رفح ألطفال مقطوعي الــرؤوس. أطفال مقطوعو الـــرؤوس فعليًا. يمكنكم رؤيتهم بأنفسكم، ولـيـسـوا األطــفــال مقطوعي الــــرؤوس الذين اخـتـرعـتـهـم الـسـلـطـات اإلسـرائـيـلـيـة لتبرير اإلبــــــادة الــجــمــاعــيــة، أو أولـــئـــك الـــذيـــن ادعـــى بايدن كذبًا أنه شاهد صورًا لهم». في إشارة إلى أن اإلعـالم لم يمنح أطفال رفح املساحة نـفـسـهـا فـــي الــتــغــطــيــة الـــتـــي مـنـحـهـا مطلع الـــحـــرب لــلــروايــة الــكــاذبــة عـــن قـطـع مقاتلي الـقـسـام رؤوس 40 طفال إسـرائـيـلـيـا. ونشر موقع ذا كناري تقريرًا الحظ فيه أن تغطية األطفال مقطوعي الــرؤوس في مجزرة رفح ال ترقى إلى تغطية كذبة األطفال مقطوعي الرؤوس خالل عملية طوفان األقصى. وجاء في نص التحليل أنـه «بعد الترويج لقصة األطفال مقطوعي الرؤوس املزيفة ، تتجاهل وسائل اإلعالم الطفل الفلسطيني الحقيقي مـــقـــطـــوع الــــــــــرأس. نــــشــــرت وســــائــــل اإلعــــــالم الــغــربــيــة قــصــة مــزيــفــة مـــفـــادهـــا أن حـمـاس قطعت رؤوس األطــفــال فــي هجومها الــذي شنته في السابع من أكتوبر على الصفحات األولــــــى. لــكــن اآلن انــتــشــرت لــقــطــات ألطــفــال فلسطينيني مقطوعي الـــــرؤوس، ووســائــل اإلعالم صامتة».