أجهزة الرنين المغناطيسي المعطلة تزيد معاناة مرضى سورية
تعد مشكلة تعطل أجهزة الرنين المغناطيسي في المشافي السورية العامة شائعة في عموم المحافظات، ما يضطر المرضى إلى التوجه إلى المشافي الخاصة
يــجــبــر الــكــثــيــر مـــن املـــرضـــى فـــي مـنـاطـق سيطرة النظام السوري الذين يحتاجون إلـــى الــخــضــوع لـتـصـويـر بــجــهــاز الــرنــني املـــغـــنـــاطـــيـــســـي عـــلـــى االنــــتــــظــــار لـــفـــتـــرات طـويـلـة، قــد تــزيــد عــن أربــعــة أشــهــر، كـون كثير مـن هــذه األجـهـزة معطلة فـي أغلب املـــشـــافـــي الـــعـــامـــة، والـــذريـــعـــة وتـتـحـجـج وزارة الـصـحـة بـالـعـقـوبـات لــعــدم إجـــراء الصيانة، أو إيجاد أجهزة جديدة. من محافظة الالذقية، يوضح حسام العبد الـلـه 52( سـنـة) لــ«الـعـربـي الــجــديــد»، أنـه كان يعاني من خدر في يده اليمنى، وآالم في الرقبة، وتزيد هذه اآلالم مع الجلوس لفترات طويلة، وبعد املعاينة طلب منه الـطـبـيـب صـــورة رنـــني مغناطيسي، لكن واجـهـتـه مشكلة فـتـرة االنــتــظــار الطويل للحصول على الــصــورة، والـتـي تتجاوز ثالثة أشهر على أقل تقدير. ويقول العبد الــلــه: «لـــم يـكـن لـــدي خــيــار ســـوى التوجه إلى مشفى خاص إلجراء الصورة، وتبني أن لــدي ديـسـك فـي الـرقـبـة، وبـحـاجـة إلى عالج فيزيائي وأدوية لتخفيف االلتهاب. املشافي العامة لم تعد مجدية مطلقًا، فال يوجد أطباء، واألجهزة معطلة دائمًا». بــــــــدوره، يــلــفــت ولـــيـــد ســلــيــمــان إلـــــى أنـــه أجـــرى خـــالل الــعــام الـحـالـي صـــورة رنـني مغناطيسي في مشفى خاص في دمشق، مـبـيـنـًا لــــ«الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد» أن «إجـــــراء الــصــورة فــي دمـشـق سببه تعطل جهاز الــــرنــــني فــــي مــشــفــى الــــســــويــــداء. ال نـعـلـم متى يعمل الجهاز ومتى يكون معطال، وهـذا الحال متواصل منذ أكثر من أربع ســـنـــوات. عـانـيـت مــن ألـــم شــديــد وتشنج في ساقي اليمنى، وبعد إجــراء الصورة تبني أن لدي انزالقًا غضروفيًا في الفقرة الخامسة. مجرد دخول الجهاز أشعرني بــــالــــخــــوف الــــشــــديــــد، فــــالــــصــــوت مـخـيـف لـــلـــغـــايـــة، ولـــــم يــخــبــرنــي فـــنـــي الــتــصــويــر بذلك. أخبرني فقط أن أبقى ثابتًا. كثير مـــن الـــنـــاس ال تـسـاعـدهـم الــحــالــة املــاديــة عـلـى الـــذهـــاب إلـــى مـشـفـى خــــاص، وهـــذه املشكلة أعتقد أنـهـا مفتعلة كــون العمل في القطاع العام لم يعد نافعًا». ويوضح حــــســــان أبــــــو عـــبـــيـــد، مـــــن ســــكــــان مــديــنــة حـمـص، لــ«الـعـربـي الــجــديــد»، أن انتظار دوره إلجراء صورة رنني مغناطيسي في املشفى الوطني بحمص تـجـاوز خمسة أشهر، وأكـد الرجل الستيني أنه لم يجد بـدًا من إجــراء الـصـورة في مشفى خاص كونها ضرورية. يضيف: «تحمل أوالدي املقيمون خـــارج ســوريــة التكاليف، فأنا أعاني من هشاشة في العظام، ومشاكل فــي مفصلي الــركـبـة، واضـــطـــررت إلجـــراء أكـثـر مـن صـــورة رنــني مغناطيسي، ومن املستحيل أن يتحمل أي موظف في البلد تكاليف صــورة رنــني، إذ تتجاوز نصف مليون ليرة 33( دوالرًا)، وال أدري كيف يمكن للمرضى االنتظار لثالثة أو أربعة أشهر للحصول على صورة رنني؟». ويــــقــــول فـــنـــي صـــيـــانـــة األجــــهــــزة الـطـبـيـة مـحـمـود الـعـمـر لــ«الـعـربـي الــجــديــد»، عن أزمـة أجهزة الرنني املغناطيسي املعطلة في معظم املشافي التابعة لـوزارة صحة النظام، إن «الفساد كــان يحكم استيراد هــــــذا الـــــنـــــوع مـــــن األجــــــهــــــزة، وفــــــي غـــالـــب الـــحـــاالت كـــان يـتـم اســتــيــراد أجــهــزة غير مطابقة للمواصفات، أو مـن دون عقود صيانة، وهذا األمر ال يقتصر على أجهزة الـــرنـــني املـغــنــاطـيــسـي، وإنـــمـــا عــلــى كثير مـن األجـهـزة الطبية. فـي الـوقـت الحالي، زاد سـوء األمــر، وتحول من مجرد فساد إلى تربح. لكن يمكن ملن لديه واسطة أن يجري صورة الرنني خالل وقت قياسي، أمـــــا املـــــواطـــــن الـــــعـــــادي فــعــلــيــه االنـــتـــظـــار ألشهر، أو الذهاب إلى املشافي الخاصة». يتابع العمر: «األجهزة في عموم املشافي العامة مستهلكة، وبعضها لم يعد ممكنًا إجــراء صيانة لـه، وغالبية هـذه األجهزة كـــانـــت مـسـتـعـمـلـة فـــي بــلــد املــنــشــأ، وهـــذا يقلل العمر االفتراضي لها. هناك آليات لتحديد العمر االفتراضي ألجهزة الرنني املـغـنـاطـيـسـي وفــــق الـــشـــركـــات املـصـنـعـة، منها عدد الصور، ووقـت خـروج الجهاز من الخدمة. الجهاز يستخدم للكشف عن أمـــراض الــدمــاغ واألذن والـعـني وغيرها، وهو مهم للغاية في أي مشفى، وتعطله فــــي املــــشــــافــــي الـــحـــكـــومـــيـــة هــــو مــــن بـــاب التضييق على الــنــاس، وإجــبــارهــم على التوجه إلــى املشافي الخاصة، فاألطباء والفنيون يعملون أيضًا في تلك املشافي، ومـــن مصلحتهم أن يـذهـب املــريــض إلـى املـشـفـى الـــخـــاص». وكــشــف مــديــر مشفى املــــــواســــــاة فـــــي دمـــــشـــــق، عــــصــــام األمــــــني، لوسائل إعالم محلية، أن جهاز الرنني في املشفى قيد الصيانة بعد أن عمل لفترات طــويــلــة، وخــضــع عـــدد كـبـيـر مــن املـرضـى للتصوير باستخدامه، وتذرع بالعقوبات املفروضة على النظام لتبرير عدم صيانة الــــجــــهــــاز، مــــؤكــــدًا أن «مـــشـــفـــى املــــواســــاة مفروضة عليه عقوبات اقتصادية مثل بقية املـنـشـآت الحكومية، مــا يـــؤدي إلى صـعـوبـة فــي تـأمـني قـطـع الـغـيـار الـالزمـة مــن قـبـل الـــوكـــالء». بـــــدوره، أوضــــح مدير مشفى املجتهد، أحمد عباس، أنه املشفى الحكومي الوحيد في دمشق الذي يمتلك جــهــاز رنــــني قــيــد الــعــمــل، مــشــيــرًا إلــــى أن التصوير يجرى حسب األولوية ملرضى الــحــاالت اإلسـعـافـيـة واالضـــطـــراريـــة، وأن «املرضى الذين يتم تحويلهم من خارج املشفى ينتظرون في الــدور ملـدة تتراوح بني أربعة إلى ستة أشهر». وبـــاإلضـــافـــة إلــــى مـشـكـلـة تــعــطــل أجــهــزة الــرنــني املغناطيسي فــي معظم املشافي الـعـامـة فــي مناطق سيطرة الـنـظـام، فإن كـــثـــيـــرًا مــــن أجــــهــــزة األشــــعــــة االعـــتـــيـــاديـــة معطلة، األمــر الــذي يجبر املـرضـى أيضًا على التوجه إلى املشافي الخاصة لتلقي الــــعــــالج، حــيــث يـــعـــانـــون مـــن االســتــغــالل بسبب التكاليف املرتفعة.