«قسد» عازمة على إجراء انتخابات رغم رفض واشنطن وأنقرة
على الرغم من الرفض األميركي والتركي لخطوة إجراء انتخابات في شمال شرقي سورية، فإن «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) عازمة على فعل ذلك في 11 يونيو
أبــــــدت جـــهـــات مــحــلــيــة وإقـــلـــيـــمـــيـــة ودولـــيـــة رفضها عــزم «قـــوات سـوريـا الديمقراطية» (قــــســــد)، إجـــــــراء انـــتـــخـــابـــات بـــلـــديـــة فــــي 11 يونيو/حزيران الحالي، تحت كنف «اإلدارة الــــذاتــــيــــة»، الـــــــــذراع املـــدنـــيـــة لــتــلــك الــــقــــوات، فــــي شـــمـــال شـــرقـــي ســـــوريـــــة. وعـــلـــى الـــرغـــم مـــن املــقــاطــعــة الـــواســـعـــة لـــقـــوى الـسـيـاسـيـة فــاعــلــة، أبـــرزهـــا املــجــلــس الــوطــنــي الـــكـــردي، فــــإن «اإلدارة الــــذاتــــيــــة»، الـــتـــي وضـــعـــت في ديسمبر/كانون األول املـاضـي مـا وصفته بـ«العقد االجتماعي» وهـو بمثابة دستور
مصغر للمناطق الواقعة تحت سيطرتها، أكدت استمرارها في إجراء هذا االستحقاق. وتـــــطـــــرق الــــرئــــيــــس الــــتــــركــــي رجـــــــب أطـــيـــب أردوغـــــــــان، إلــــى ذلــــك أمــــس األحــــــد، مـعـتـبـرًا انـــــه «ال يــمــكــن لــتــركــيــا أن تــنــعــم بــالــســام وتشعر بـاألمـان، ما لم تجفف املستنقعات الــــتــــي تـــنـــتـــج اإلرهـــــــــاب فــــي شــــمــــال الــــعــــراق وســــوريــــة»، حـسـبـمـا جـــاء فـــي خــطــاب ألـقـاه خال مشاركته في اجتماع تشاوري لحزب الـــعـــدالـــة والــتــنــمــيــة الـــحـــاكـــم فـــي الــعــاصــمــة أنـقـرة. وسبق ألردوغــــان أن هــدد، الخميس املـاضـي، بشن عملية عسكرية ضد «قسد» في حال إجراء هذه االنتخابات، مشيرًا إلى أنه «نتابع عن كثب التحركات العدائية من منظمة إرهابية ضد وحـدة أراضـي بادنا، فــضــا عــن ســـوريـــة، بــذريــعــة االنــتــخــابــات». وشــدد على أنـه «فعلنا ما كـان مطلوبًا في السابق فـي وجــه أمــر واقـــع. ولــن نـتـردد في التحرك مجددًا إن واجهنا الوضع نفسه». فـــــي الــــســــيــــاق دعـــــــا زعــــيــــم حـــــــزب «الــــحــــركــــة القومية» التركي، دولت بهشلي، حليف حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، قبل أيام لشن عملية عسكرية مشتركة تجمع تركيا والنظام السوري للقضاء على حزب العمال الكردستاني في شمال شرقي سورية. ولم ترحب وزارة الخارجية األميركية بهذه االنـــتـــخـــابـــات قــبــل أيــــــام، عــلــى لـــســـان نــائــب املتحدث باسمها فيدانت باتيل، الــذي قال إن «أي انتخابات في سورية يجب أن تكون حــرة ونـزيـهـة وشـفـافـة وشـامـلـة، كما يدعو قرار مجلس األمن الدولي رقم .»2254 وأشار الـى أن الـواليـات املتحدة «ال تعتقد أن هذه الـــشـــروط مــتــوفــرة بـاالنـتـخـابـات فــي شمال شرقي سورية»، مؤكدًا أن وزارة الخارجية
أردوغان يدعو لتجفيف «مستنقعات اإلرهاب» في العراق وسورية
األميركية «نقلت هذا املوقف إلى مجموعة مــــن الــــجــــهــــات الـــفـــاعـــلـــة فــــي شــــمــــال شــرقــي ســـــوريـــــة». غـــيـــر أن صـــالـــح مــســلــم الــرئــيــس املـشـتـرك لـحـزب االتــحــاد الـديـمـقـراطـي أبــرز األحزاب املشكلة لـ «اإلدارة الذاتية»، رد على تــصــريــح بــاتــيــل بـــالـــقـــول إنــــه «دبــلــومــاســي ويــهــدف إلـــى عـــدم اســتــفــزاز تــركــيــا»، مـؤكـدا فـــي تــصــريــحــات صـحـافـيـة أن االنــتــخــابــات «ستجرى وفــق الــظــروف املائمة فـي إقليم شـــمـــال وشــــــرق ســــوريــــة، مــــن دون دعـــــم أو استشارة أحد». من جهته، اعتبر االئتاف الوطني السوري، أن هـذه االنتخابات «عــدم شرعية»، مشيرًا في بيان، أول من أمس السبت، إلى «خطورة ما تم اتخاذه من إجراءات وقرارات وقوانني متتالية من قبل ما يسمى باإلدارة الذاتية». كما اعتبر أن «قـسـد» والتشكيات األمنية لـحـزب االتــحــاد الـديـمـقـراطـي، تـابـعـة فعليًا لــحــزب الــعــمــال الــكــردســتــانــي، املـــــدرج على قـائـمـة املـنـظـمـات اإلرهــابــيــة فــي الـعـديـد من الـدول، ومنها الواليات املتحدة وبريطانيا واالتــــحــــاد األوروبـــــــي. وأضـــــاف الــبــيــان «أن االنتخابات البلدية الزائفة املزمع إجراؤها فـــــي مـــنـــاطـــق شــــمــــال وشـــــــرق ســـــوريـــــة غـيـر شرعية، محاولة لنسف العملية السياسية الــتــي تــرعــاهــا األمــــم املــتــحــدة، وتـــهـــدف إلــى االلـــتـــفـــاف عــلــى قــــــرارات مـجـلـس األمــــن ذات العاقة بـسـوريـة». واعتبرها خطرًا «يهدد وحـــدة ســوريــة»، مطالبًا التحالف الـدولـي، الــداعــم األبـــرز لــ«قـسـد»، بــ«اتـخـاذ إجـــراءات أكثر صرامة ملنع إجرائها». وتــعــلــيــقــًا عـــلـــى املـــشـــهـــد فــــي شـــمـــال شــرقــي ســـــوريـــــة، رأى الـــبـــاحـــث الـــســـيـــاســـي أحــمــد الــقــربــي فــي حــديــث مــع «الــعــربــي الــجــديــد»، أن «اإلدارة الــذاتــيــة لــن تـتـراجـع عــن خطوة االنـــتـــخـــابـــات، لـــكـــن املــــواقــــف الـــرافـــضـــة لـهـا ستضعف مــن آثـــارهـــا الـسـيـاسـيـة». وتـابـع أن «االنـتـخـابـات مـن جملة أوراق سياسية تحاول اإلدارة الذاتية املساومة من خالها، وتـــثـــبـــيـــت نـــــقـــــاط تــــســــاعــــدهــــا عــــلــــى فــــرض وجــودهــا فـي مستقبل ســوريــة». واستبعد الـــقـــربـــي شـــن عـمـلـيـة عــســكــريــة واســـعـــة ردًا عـلـى إجــــراء االنــتــخــابــات، مـعـتـبـرًا أن «هــذه العمليات مرتبطة بتوازنات خارجية أكثر من ارتباطها بذهنيات داخلية». وتـسـيـطـر «قـــســـد» عــلــى نــحــو ثــلــث مساحة ســـــوريـــــة، وتـــســـيـــطـــر عـــلـــى قـــســـم كـــبـــيـــر مـن مــحــافــظــة الــــرقــــة، بـــمـــا فـــيـــه مـــديـــنـــة الـطـبـقـة االسـتـراتــيــجــيـة، إضــافــة إلـــى شــريــط الـقـرى على الضفة الجنوبية من نهر الفرات املمتد من قرية شعيب الذكر غربًا، إلى قرية كسرة شيخ الجمعة شرقًا. كما تسيطر على كامل ريف دير الزور الشرقي، شمالي نهر الفرات الغني بالنفط، إضافة إلـى معظم محافظة الحسكة فــي شــمــال شــرقــي ســوريــة، والـتـي تضم أكبر حقول النفط، والتي تعد املصدر الرئيسي لتمويل هذه القوات. كما تسيطر على منطقة منبج غربي نهر الفرات ومنطقة تل رفعت ومحيطها في ريف حلب الشمالي.