رسوم االنتخابات األميركية
مزايدة بين بايدن وترامب لفرض أكبر تعرفات جمركية على الصين
أعلنت إدارة الرئيس األميركي جو بايدن فرض رسوم جمركية حادة على العديد من الواردات الصينية، وسط حملة انتخابية شرسة مع الجمهوري دونالد ترامب، حيث يتنافس كال المرشحين على إظهار من هو صاحب المواقف األشد صرامة تجاه الصين عبر مزايدة على فرض أعلى رسوم
تشتد معركة الــرســوم الجمركية الـــتـــي تـشـنـهـا الــــواليــــات املــتــحــدة على السلع الصينية قبل أشهر قليلة مـن االنـتـخـابـات الرئاسية املــقــررة في نوفمبر/ تشرين الثاني املقبل، وسط مزايدة بني الرئيس الديمقراطي جو بايدن ومنافسه الجمهوري اللدود دونالد ترامب الطامح إلى العودة مجددًا إلى البيت األبيض على فرض أعــلــى نـسـبـة مـــن الــتــعــرفــات الـجـمـركـيـة على املـنـتـجـات الـصـيـنـيـة الــتــي تــبــدو أنــهــا باتت وقود املعركة االنتخابية هذه املرة. وكــشــفــت إدارة بــــايــــدن، أمــــس الـــثـــاثـــاء، عن خــطــط لـــفـــرض رســـــوم جــمــركــيــة حـــــادة على العديد مـن الــــواردات الصينية، على رأسها الـــــســـــيـــــارات الـــكـــهـــربـــائـــيـــة وخـــــايـــــا الـــطـــاقـــة الشمسية والـصـلـب واأللــومــنــيــوم، بموجب مـــراجـــعـــة الـــتـــجـــارة مــــع الـــصـــني طــــــوال أربــــع سـنـوات. ووفــق الخطط، مـن املـقـرر مضاعفة الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية أربع مرات، لتصل إلى %102.5 هذا الــعــام مـقـابـل .%27.5 كــذلــك تــقــرر مضاعفة الـــتـــعـــرفـــة الـــجـــمـــركـــيـــة عـــلـــى واردات خــايــا الـطـاقـة الشمسية إلــى %50 فـي 2024 أيضًا مـقـابـل ،%25 ورافـــعـــات الـشـحـن .%25 كذلك تقرر مضاعفة الرسوم على بعض منتجات الـصـلـب واأللــومــنــيــوم الصينية ثـــاث مــرات إلى %25 هذا العام بدال من .%7.5 وستتضاعف كـذلـك الــرســوم على منتجات أخــــرى عـلـى مـــدى الــســنــوات الـــثـــاث املـقـبـلـة، منها الرقائق اإللكترونية (أشباه املوصات) إلـى %50 بــدال من %25 بحلول العام املقبل ،2025 وبــطــاريــات تخزين الـطـاقـة إلــى %25 من %7.5 والغرافيت الطبيعي بنسبة %25 في عام .2026 وقال مسؤولون كبار في إدارة بايدن إنهم أخروا بدء بعض زيادات الرسوم الجمركية ملنح الصناعات األميركية الوقت إلعادة تنظيم ساسل التوريد الخاصة بها. وقــال البيت األبـيـض إن التعرفات الجديدة سـتـطـبـق عـلـى مـنـتـجـات صـيـنـيـة بـقـيـمـة 18 مليار دوالر.
ترامب يتعهد بفرض رسوم تصل إلى %200
تـــأتـــي الــــرســــوم الــجــمــركــيــة الـــجـــديـــدة وســط حملة انتخابية شـرسـة بــني بــايــدن وسلفه تـــرامـــب، حـيـث يـتـنـافـس كــا املــرشــحــني على إظهار من هو صاحب املواقف األشد صرامة تــجــاه الـــصـــني. وبــعــد يــــوم واحــــد مـــن تـنـاقـل الـصـحـف ووســـائـــل اإلعــــام األمــيــركــيــة، يـوم الجمعة املاضي، أنباء تخطيط بايدن لرفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الـصـيـنـيـة إلــــى مـــا يـــقـــرب مـــن ،%100 تـحـرك دونــالــد تـرامـب للتفوق على منافسه، حيث قـــال الـرئـيـس الـسـابـق فــي تـجـمـع حـاشـد في نيوجيرسي، يوم السبت املاضي، في إشارة إلى السيارات الصينية املصنعة في املكسيك: «ســـأفـــرض ضــريــبــة بـنـسـبـة %200 عــلــى كل سيارة تأتي من تلك املصانع». وأشار إلى أن بايدن كان يمزق أجندته التجارية التي تركز على التعرفات الجمركية، بينما «استمع لي أخيرًا.. لقد تأخر حوالى أربع سنوات». وال يزال نهج بايدن أضيق من خطط ترامب لــفــتــرة واليـــــة ثــانــيــة مــحــتــمــلــة، الـــتـــي تشمل فـــرض تـعـرفـة بـنـسـبـة %60 عـلـى األقــــل على جميع البضائع القادمة من الصني وفرض ضـــريـــبـــة بــنــســبــة %10 عـــلـــى كــــل الـــــــــواردات مـــن أي بـــلـــد. ورغـــــم ذلــــك فــــإن فــــرض حــواجــز صارمة على التجارة مع الصني أصبح اآلن يحظى بـإجـمـاع لــدى الـحـزبـني الديمقراطي والجمهوري، بينما كان ينظر في السنوات املاضية إلى نهج ترامب على أنه يعمل على زعزعة اإليمان بالتجارة الحرة. ويتوج قرار بايدن سنوات من الجدل داخل اإلدارة حول الـرسـوم الجمركية التي فرضها تـرامـب في األصــــل عـلـى أكــثــر مــن 300 مـلـيـار دوالر من الــــــــواردات مـــن الـــصـــني. وهــــذه الـــرســـوم الـتـي نـــــفـــــذت فــــي عـــامـــي 2018 2019و وعـــززتـــهـــا خــــطــــوات بــــايــــدن الــــجــــديــــدة، أصـــبـــحـــت اآلن سمة دائمة على ما يبدو لسياسة الواليات املــتــحــدة تــجــاه الــصــني الـطـامـحـة إلـــى إزاحـــة الــواليــات املـتـحـدة مـن صـــدارة أكـبـر اقتصاد فــــي الـــعـــالـــم. فــــي حــــني تـــعـــهـــدت بـــكـــني، أمـــس الــثــاثــاء، بــاتــخــاذ «كـــل اإلجــــــراءات الــازمــة» للرد على واشنطن. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبني إن «الصني تعارض زيـادة الرسوم الجمركية من جانب واحــد، وهـو انتهاك لقواعد منظمة التجارة الــعــاملــيــة، وسـتـتـخـذ كـــل اإلجـــــــراءات الــازمــة لـحـمـايـة حـقـوقـهـا ومـصـالـحـهـا املــشــروعــة». وسـبـق أن نـــددت الــصــني، األســبــوع املـاضـي، بـــالـــخـــطـــوة األمـــيـــركـــيـــة عـــقـــب نـــشـــر تـــقـــاريـــر حولها، محذرة من أنها تزيد من التوترات بني البلدين. وقالت املستشارة االقتصادية في البيت األبيض اليل برينارد للصحافيني، أمــــس: «يـتـخـذ الــرئــيــس نـهـجـًا اسـتـراتـيـجـيـًا صـــارمـــًا يـجـمـع بـــني االســتــثــمــار فـــي الــداخــل ومـواجـهـة الـصـني فـي الـقـطـاعـات الرئيسية، عـــلـــى عـــكـــس اإلدارة الـــســـابـــقـــة الـــتـــي فـشـلـت فــي املــتــابــعــة». وأضـــافـــت أن ضـريـبـة تـرامـب املقترحة بنسبة %10 على جميع الـــواردات ستكون تضخمية (سترفع معدل التضخم في الواليات املتحدة).
اصطفاف لمواجهة الصين
وبـــيـــنـــمـــا كــــانــــت الــــعــــديــــد مـــــن الـــقـــطـــاعـــات الـتـجـاريـة واإلنـتـاجـيـة تـعـارض الكثير من الـرسـوم التي فرضها تـرامـب، على اعتبار أنها ترفع من التكاليف وبالتالي األسعار الـنـهـائـيـة عـلـى املـسـتـهـلـكـني، هــنــاك ارتــيــاح لـــلـــرســـوم االنــتــقــائــيــة الـــتـــي يــعــتــزم بــايــدن تطبيقها. وضغطت النقابات العمالية، وال سيما في صناعات الصلب وألــواح الطاقة الشمسية والـسـيـارات على بـايـدن لحماية الصناعات املحلية من املنتجات الصينية الرخيصة. وقــال مـايـرون بريليانت، نائب الرئيس التنفيذي السابق لغرفة التجارة األميركية لصحيفة وول ستريت جورنال، أمـــس: «الحقيقة أنــه ال أحــد يـريـد أن يبدو ضعيفًا فـي مواجهة الـصـني». هــذا التأييد للرسوم التي يعتزم بايدن تطبيقها يأتي رغـــم الـتـحـفـظ الــــذي كـــان يـبـديـه بريليانت في السابق ضمن آخرين بشأن االستخدام املــــفــــرط لـــلـــتـــعـــريـــفـــات الـــجـــمـــركـــيـــة والــــذيــــن يــــحــــذرون مــــن الــتــكــالــيــف الـــتـــي يـتـحـمـلـهـا املستهلكون األمـيـركـيـون. ويـبـدو أن القلق بــشــأن املـــمـــارســـات االقــتــصــاديــة الصينية يــتــصــاعــد داخـــــل إدارة بـــايـــدن مــنــذ أشـهـر وكـــذلـــك الــقــطــاعــات االقــتــصــاديــة املختلفة. وفــي عهد بـايـدن، أنفقت الــواليــات املتحدة املليارات لبناء القدرة التصنيعية املحلية لـلـسـيـارات الكهربائية وأشــبــاه املـوصـات وألـــــــــواح الـــطـــاقـــة الــشــمــســيــة وغـــيـــرهـــا مـن الـــصـــنـــاعـــات الـــتـــي تــهـيـمــن عـلـيـهــا الــصــني. ولكن مع بدء االقتصاد الكلي الصيني في الــتــبــاطــؤ، ضــاعــف املـــســـؤولـــون فـــي الـصـني مــن إنـتـاجـهـم فــي الـصـنـاعـات نفسها التي كانت الواليات املتحدة تستهدفها. ويتمثل الـــخـــوف بـــني مـــســـؤولـــي إدارة بـــايـــدن بـــأن التصنيع الصيني قوي بما يكفي لخفض األســعــار عـلـى مـسـتـوى الــعــالــم، مــا يـقـوض الشركات األميركية الناشئة ويضيع الدعم الذي تقدمه إدارة بايدن. ويــــبــــدو أن إدارة بــــايــــدن تــشــعــر بـــارتـــيـــاح حـــيـــال أن الــــرســــوم الـــجـــديـــدة ال يـــرجـــح أن يكون لها تأثير تضخمي كبير على عكس مـا سببته الــرســوم الـواسـعـة الـتـي فرضها ترامب خال وجوده في البيت األبيض قبل أربـــع ســنــوات. وقـــال مـسـؤولـون فــي اإلدارة األمــيــركــيــة إنــهــم يـعـتـقـدون أن الـــرســـوم لن تؤدي إلى تصعيد التوتر مع الصني، لكنهم يتوقعون أن تستكشف الصني طرقًا للرد. ويوجد في الوقت الحالي عدد قليل للغاية مـــن الـــســـيـــارات الــكــهــربــائــيــة الــصــيــنــيــة في الواليات املتحدة، لكن املسؤولني يشعرون بالقلق مـن إغـــراق هــذه الـنـمـاذج منخفضة الـسـعـر، الـتـي أصبحت ممكنة بفضل دعم الـــحـــكـــومـــة الـــصـــيـــنـــيـــة الــــســــوق األمـــيـــركـــيـــة قريبًا. وتستطيع الـشـركـات الصينية بيع الـــســـيـــارات الـكـهـربـائـيـة مــقــابــل أقــــل مـــن 12 ألـــف دوالر. كــذلــك تمتلك مـصـانـع الخايا
مضاعفة الرسوم على السيارات الكهربائية الصينية 4 مرات إلى %100
الشمسية ومـصـانـع الـصـلـب واأللـومـنـيـوم الـــقـــدرة الـكـافـيــة عــلــى تـلـبـيـة قـــدر كـبـيـر من الطلب العاملي.
قلق من االنتقام الصيني
ورغــــم االطـمـئـنـان الــــذي تـبـديـه إدارة بـايـدن حــــيــــال الـــــــرد الـــصـــيـــنـــي، يـــتـــخـــوف مــحــلــلــون مـــن نــتــائــج عــكــســيــة. وقـــــال إســــــوار بـــراســـاد، زمـيـل بـــارز فــي معهد بروكينغز األمـيـركـي: «هـــذه التعرفات تتويج لـصـراع السياسات الصناعية بـني البلدين، وهــي أيضًا تتويج ملـــوســـم االنـــتـــخـــابـــات الـــــذي يـــلـــوح فـــي األفـــق فـي الــواليــات املـتـحـدة». وأضـــاف بــراســاد أن تــعــريــفــات بـــايـــدن الـــجـــديـــدة تـــزيـــد مـــن خطر االنــتــقــام الـصـيـنـي، األمـــر الـــذي قــد يــؤثــر في النهاية بالنمو االقتصادي األميركي. وأشار إلى أن العاقات بني البلدين قد تتضرر إذا واصــل الجمهوريون والديمقراطيون تبني
موقف املواجهة ضد الصني للفوز بمناصب مـنـتـخـبـة. وخــــالل حـمـلـتـه االنــتــخــابــيــة وعــد تــــرامــــب بـــاســـتـــخـــدام الـــتـــعـــرفـــات الــجــمــركــيــة مـــرة أخـــرى كـــهـــراوة، وبــوضــع خـطـط لفرض رســـــوم عــلــى الــحــلــفــاء والـــخـــصـــوم عــلــى حد ســــواء. وحـــذر تــرامــب مــن خـطـة بــايــدن لرفع الرسوم الجمركية على الصني، قائال: «إنها مـــجـــرد حــيــلــة لـــتـــجـــاوز االنـــتـــخـــابـــات، وبــعــد ذلــــك ســيــنــهــار كـــل شـــــيء». وقـــبـــل يـــومـــني من إعـــالن اإلدارة األميركية الــرســوم الجمركية الجديدة، اعتبرت وزيــرة الخزانة األميركية جــانــيــت يــلــني أن مـــن املــمــكــن أن تـــرد الـصـني عـلـى فـــرض رســـوم جمركية عـلـى الـسـيـارات الكهربائية املنتجة في الصني. وقالت يلني فــي مقابلة مــع تـلـفـزيـون بـلـومـبـيـرغ: «نـأمـل أال ترد الصني بإجراءات ذات ثقل. ولكن هذا يظل احتماال قائمًا. ويبدو أن الواليات املتحدة تدرك حجم القوة االقتصادية الصينية الهائلة، لذا تعمل على تقوية دفاعاتها بوضع حوائط صد لطوفان قـــــــــادم وفـــــــق وصـــــــف مـــحـــلـــلـــني ومــــســــؤولــــني تنفيذيني في شركات إنتاجية. وعلى الرغم من أن تهديد السيارات الكهربائية الصينية في الوقت الحالي ال يزال في مرحلة الجنني، إال أن مسؤولي اإلدارة واملحللني املستقلني يقولون إن التحدي التنافسي سينمو. وفي الـــعـــام املـــاضـــي، صـــــدرت شـــركـــات الــســيــارات الصينية ما قيمته 400 مليون دوالر فقط من السيارات الكهربائية إلى الواليات املتحدة، بينما كانت مبيعات املصنعني األوروبـيـني أعلى بنحو 20 مرة، وفقًا لشركة االستشارات «أكسفورد إيكونوميكس». وقال مايكل دون، مستشار صناعة السيارات الذي قضى عدة سنوات في الصني ويقيم اآلن في مدينة سان دييغو جنوبي واليــة كاليفورنيا لصحيفة واشـنـطـن بــوســت، أمـــس: «األمــــر كـلـه يتعلق بوقف الفيضان قبل أن يبدأ». وقال مسؤول أميركي إن واشنطن ال تحاول «تــقــويــض» التنمية فــي الـصـني أو اإلضـــرار بــالــجــهــود الــتــي بـذلـتـهـا مـــع بــكــني لتحقيق االســتــقــرار فــي الــعــالقــات مـنـذ الـتـقـى بـايـدن الــرئــيــس الـصـيـنـي شـــي جـــني بـيـنـغ فـــي قمة فــي نـوفـمـبـر/ تـشـريـن الــثــانــي املـــاضـــي. لكن املـــســـؤول أضـــــاف، وفـــق صـحـيـفـة فايننشال تايمز البريطانية، أن الـصـني تنتج بمعدل «يــــفــــوق بــكــثــيــر أي تـــقـــديـــر مـــعـــقـــول لـلـطـلـب العاملي»، وهو ما من شأنه أن يغرق األسواق العاملية ويقوض قدرة الواليات املتحدة على بناء القدرة اإلنتاجية. وأكــد: «هــذا يقلل من مــرونــة سلسلة الــتــوريــد لـديـنـا، مــا يجعلنا جميعًا في مختلف أنحاء العالم أكثر عرضة لإلكراه االقتصادي».