Al Araby Al Jadeed

تونس إلى صيف سياسي ساخن

- المهدي مبروك

تــنــتــا­ب الـتــونـس­ــيـن شــكــوك كــثــيــر­ة بـشـأن رغــبــة الــرئــيـ­ـس قـيـس سـعـيـد الـــذهـــ­اب إلـى انـــتـــخ­ـــابـــات رئـــاســـ­يـــة، يـــفـــتـ­ــرض أن تـعـقـد فــي الـخـريـف املـقـبـل، حـسـب قــــراءة سليمة للقانون االنتخابي، رغــم أنـنـا لـم نعد في تونس، منذ سنن قليلة، نحتكم إلـى حد أدنــــــى مــــن املـــنـــ­طـــق فــــي قـــــــرا­ء ة الــنــصــ­وص القانونية، وحتى الدستور الجديد، الذي سنه الرئيس بجرة قلمه، بعد أن استبعد زميليه مــن أســاتــذة الـقـانـون الـدسـتـور­ي؛ الصادق بلعيد وأمن محفوظ. تصرح الهيئة العليا املستقلة لانتخابات أنـــهـــا بــــدأت تـحـضـيـرا­تـهـا لـــإشـــر­اف على املـسـار االنـتـخـا­بـي، الـــذي يفترض أن يبدأ بـعـد أســابــيـ­ـع قليلة حــن يــصــدر الـرئـيـس أمـــــرًا قــانــونـ­ـيــًا يـــدعـــو فــيــه املـــواطـ­ــنـــن إلــى االنـتـخـا­بـات الـرئـاسـي­ـة الــقــادم­ــة، وتحديد موعدها. كما أن اجتماعات انعقدت، أخيرًا، بـــن هــيــئــة االنـــتــ­ـخـــابـــ­ات والــهــيـ­ـئــة الـعـلـيـا املــســتـ­ـقــلــة لـــإعـــا­م الــســمــ­عــي والـــبـــ­صـــري، مـــن أجــــل تــرتــيــ­ب الــعــاقـ­ـة بـيـنـهـمـ­ا، وتــعــد جـمـلـة مـــن املــســائ­ــل الـتـقـنـي­ـة فـــي ظـــل شلل شبه تــام أصـــاب هيئة اإلعــــام، هـــذه، بعد 25 يـولـيـو ،)2021( تــحــديــ­دًا، فاستبعدت تقريبًا خـال املحطات االنتخابية الثاث التي شهدتها الباد في العهدة الرئاسية لــســعــي­ــد؛ االســتــف­ــتــاء عــلــى دســـتـــو­ر ،2022 واالنــتــ­خــابــات الـتـشـريـ­عـيـة، واالنـتـخـ­ابـات املحلية، التي ختم مسارها املعقد واململ خال الشهر املاضي (إبريل/ نيسان). في ملعب شبه فـــارغ، يستعرض الرئيس كل مــهــارات­ــه االتـصـالـ­يـة، إنـــه الــاعــب الوحيد تقريبًا. لقد استتب له األمر أو هكذا يخيل إلينا جميعًا بوصفنا مشاهدين. ال يخلو يـوم واحــد من دون أن تنقل إلينا التلفزة العمومية نشاطاته العديدة، بعض منها مبرمج وبعضها اآلخر «زيــارات فجائية» ملؤسسات عمومية... إلخ. ومع خلو امللعب مـــن سـيـاسـيـن يــنــافــ­ســونــه، أمــكــن لبعض آخر من العبن إنشاء فضاء ات لعب أخرى، مــن شـأنـهـا أن تـدفـع الـرئـيـس إلـــى تحديد قــــواعــ­ــد لــعــبــة جــــديـــ­ـدة ونـــحـــن نـــقـــتـ­ــرب مـن موعد انتخابي يراهن عليه بعضهم لغلق قـوسـي االنــقــا­ب، والــعــود­ة إلــى استئناف تجربة االنتقال مجددًا رغم صعوبة املهمة. لـــم يـفـصـح الــرئــيـ­ـس بــعــد عـــن نــيــاتــ­ه فيما يتعلق بالقانون االنتخابي الحالي، ولكن،

من خـال عديد من تصريحاته، يبدو أنه مصر على تعديل القانون، حتى يقصي من ال يــراه «وطنيًا» جديرًا بـأن يــرأس الباد، حتى لو أفرزته صناديق االقتراع. الشيء الوحيد الذي ألغاه من خال دستور ،2022 الــذي لم يقبل على االستفتاء عليه سوى ما يناهز ،%20 هو حق الترشح ملزدوجي الجنسية. جرى ذلك في مناخ من التشكيك فـــي وطــنــيــ­ة هـــــؤالء واتـــهـــ­امـــهـــم بـالـعـمـا­لـة والخيانة. تروج تسريبات عديدة، مفادها أن الـــرئـــ­يـــس ســـعـــيـ­ــد ســـيـــجـ­ــري تــعــديــ­ات عــمــيــق­ــة عـــلـــى الـــقـــا­نـــون االنـــتــ­ـخـــابـــ­ي، وقـــد يذهب إلى ما يشبه «العزل السياسي» لكل خصومه، تحت ذرائــع عديدة، غير أنـه ما زال يتريث حتى يعلن منافسوه ترشحهم لانتخابات الرئاسية القادمة، حتى يكون الـقـانـون على مقاسهم. إلــى حـــدود األيــام املاضية، أعلن ثاثة أشخاص فقط، عزمهم الترشح، صافي السعيد، والطبيب لطفي املـــرايـ­ــحـــي، والـــســـ­يـــاســـي املـــخـــ­ضـــرم، الـــذي تقلد مناصب وزاريـة في عهد الرئيس بن علي، اإلعامي منذر الزنايدي،ُمنّ منفاه االختياري في باريس. هؤالء املترشحون الـثـاثـة تاحقهم تـهـم قضائية، ال نعرف حقيقة وجاهتها القانونية. ال شيء يحرم حاليًا هؤالء من حق الترشح، ولكن يبدو أن تـعـديـات مــا على الـقـانـون االنتخابي ذاهـبـة فـي استبعاد مـن يكون مـحـل تتبع قضائي، حتى لو لم تصدر بعد في شأنه أحــكــام نـهـائـيـة. إن املجتمعن السياسي واملــدنــ­ي بـــدوا، ولــو بشكل مـتـأخـر، يعيان خـطـورة مـا يـجـري فـي الــبــاد.. إنـهـا سوق كبيرة لبيع العبث والغرابة السياسية. عـــادة مــا ينتظر الــنــاس، حـتـى تـحـت أشـد األنظمة شمولية، أن يعمد من في السلطة إلى تهدئة املناخ السياسي، وإبداء بعض الليونة واالنفتاح حن تقترب االنتخابات الرئاسية، فلقد نحا بن علي، مثا، في زمن تسلطه هــذا املنحى، غير أنـنـا فـي تونس نشهد حاليًا خاف ذلك. لقد تكثفت حملة االعـــتــ­ـقـــاالت فـــي األيــــــ­ام الــقــلــ­يــلــة املــاضــي­ــة، وهــي الـتـي اسـتـهـدفـ­ت، هــذه املــــرة، نشطاء املجتمع املدني، وتحديدًا أعضاء جمعيات عنيت خــال العشرية املنصرمة بحماية املــهــاج­ــريــن والـــدفــ­ـاع عـــن حــقــوقــ­هــم. فعلى إثـر موجة اإلجـــراء­ات القانونية املتشددة والتي لم تخل من انتهاكات جسيمة مست حقوقهم اإلنسانية الدنيا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar