عن تداعيات تراجع األسعار عالميًا على العرب
نظرة في التقرير األخير الصادر قبل أيام عن منظمة األغذية والزراعة التابعة لألمم املتحدة (فاو) ألسعار الغذاء العاملية تمكننا من رصد عدة مؤشرات إيجابية على مستوى األسعار والكميات املنتجة ووفرة املحاصيل. من أبرز املؤشرات تراجع أسعار الغذاء العاملية في فبراير/ شباط، للشهر السابع، وحدوث انخفاض في أسعار جميع الحبوب والسلع الغذائية الرئيسية ومنها القمح والذرة والشعير والذرة الرفيعة، كما أن األسعار الحالية تعد األدنى منذ فبراير ،2021 وهو أمر مبشر ألسواق الدول املستوردة للغذاء في املنطقة العربية وأفريقيا، ومن املفترض أن تنعكس إيجابا على املواطن في صورة تراجع في أسعار السلع الغذائية واملنتجات املرتبطة بها مثل رغيف الخبز. وفي املؤشرات أيضا نلحظ أن أسعار الغذاء سارت في أسواق الحبوب نحو التراجع عكس توقعات سابقة بحدوث زيادة كبيرة في األسعار مبنية على التغيرات املناخية التي أضرت بالدول الكبرى املنتجة للقمح بما فيها الواليات املتحدة والصني وأستراليا، وفرض الدول املنتجة لألغذية قيودا على عملية التصدير خوفا من قفزات األسعار محليا مثل الهند، التي حظرت تصدير األرز. كما بنت توقعات زيادة أسعار الحبوب على عامل آخر مرتبط بالحرب على غزة وتصاعد التوترات في البحر األحمر والهجمات التي تشنها جماعة الحوثي على السفن اإلسرائيلية والدول الداعمة لالحتالل اإلسرائيلي في حربه، وما خلفته الهجمات وعمليات التوتر من تكاليف مرتفعة على عمليات اإلنتاج والنقل والشحن خاصة للسفن املارة عبر باب املندب وقناة السويس، ولجوء السفن العمالقة إلى رأس الرجاء الصالح. ووفق أرقام فاو، تراجعت أسعار الحبوب بنسبة %5 الشهر املاضي، لتهبط األسعار بنحو %22.3 عن مستواها قبل عام، وهي نسبة كبيرة، بفضل توقعات بإنتاج وفير من الذرة في أميركا الجنوبية وأسعار قمح تنافسية من كبار املنتجني، وفي املقدمة أوكرانيا وروسيا. كما تراجعت أسعار الزيوت النباتية بنسبة %1.3 في فبراير مقارنة بيناير/ كانون الثاني، لتنخفض بنحو %11 عن مستوياتها قبل عام وسط توقعات بوفرة اإلمدادات من أميركا الجنوبية. هذا التراجع من املفترض أن ينعكس إيجابا على األسواق العربية املستوردة للحبوب، ومنها مصر وسورية وتونس واملغرب واليمن واألردن والجزائر واملغرب والخليج، فالعرب يستوردون أغذية بأكثر من 100 مليار دوالر سنويا، وأي تراجع في األسعار عامليا من املفترض أن ينعكس إيجابا على األسواق، خاصة إذا ما علمنا أن دوال عربية هي من كبار مستوردي القمح والحبوب والزيوت على مستوى العالم.