الصين وطوفان األقصى: لو كان مجلس
حمل الرئيس الصيني، شي جني بينغ، في لقاء مرئي معه في 18 مارس/ آذار ،2022 مسؤولية اندالع الحرب في أوكرانيا على الواليات املتحدة، مستشهدا بمثل صيني: «دع مــــن ربـــــط الــــجــــرس فــــي رقـــبـــة الــنــمــر يخلعه»، أي أن سياسة واشنطن وتوسع حلف الناتو هما السبب وبالتالي، على بـايـدن حــل األزمـــة. وبـذلـك تماهى املوقف الصيني كليًا مع األسباب الروسية والتي أطلقت عليها سياسة «الـتـمـسـك بعقلية الــحــرب الـــبـــاردة»، وعـــدم تـفـهـم مشروعية املـــخـــاوف األمــنــيــة الـــروســـيـــة عــبــر تــوســع «الــنــاتــو». حـيـث انـتـقـدت املـتـحـدثـة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشونينغ، الــــعــــقــــوبــــات األمــــيــــركــــيــــة عــــلــــى روســـــيـــــا، وإرســـالـــهـــا أســلــحــة إلــــى أوكـــرانـــيـــا، األمـــر الــــذي أدى إلـــى «صــــب الــزيــت عـلـى الــنــار» بحسب تعبيرها. وقــال وزيــر الخارجية، وانــغ يــي، فـي محادثة هاتفية مـع نظيره الروسي، سيرغي الفروف، «تتفهم الصني مخاوف روسيا األمنية، وينبغي التخلي عـــن عـقـلـيـة الـــحـــرب الـــبـــاردة وإنـــشـــاء آلـيـة أمنية وأوروبية متوازنة وفعالة من خالل الحوار واملفاوضات». أمـــا بـشـأن اإلبــــادة اإلسـرائـيـلـيـة فــي قطاع غــــــزة، فـــــإن املــــســــؤول عـــن انــــــدالع الـــحـــرب، بالنسبة للصني، ليس استمرار االحتالل اإلســرائــيــلــي، وال عقلية الــحــرب الـــبـــاردة، وال عــــــــدم احـــــــتـــــــرام املـــــــخـــــــاوف األمــــنــــيــــة لــلــفــلــســطــيــنــيــني، وال حـــتـــى االســـتـــيـــطـــان، بــــل مـــجـــلـــس األمــــــــن. مـــنـــذ بــــــدء الـــــعـــــدوان، ادعــــت الــصــني أن مـسـؤولـيـة حــل الــصــراع تــقــع، بـشـكـل رئــيــســي، عـلـى عــاتــق مجلس األمـــن. تــؤكــد ذلــك التصريحات الصينية فــي مـنـاسـبـات عـــدة خـــالل شــهــور طـوفـان األقــــصــــى، ومـــنـــهـــا: «عـــلـــى مــجــلــس األمــــن إظـــــهـــــار الــــتــــزامــــاتــــه مـــــن خــــــالل الـــتـــوصـــل بــســرعــة إلــــى تـــوافـــق فـــي اآلراء، وإرســـــال الـــرســـالـــة بــصــوت عــــال وواضــــــح، واتــخــاذ تـدابـيـر عملية لتعزيز وقــف إطـــالق النار ومـــنـــع الــــكــــوارث اإلنـــســـانـــيـــة». و«يــنــبــغــي للمجلس أال يتخلى عن جهوده في حماية املدنيني»، و«في التحليل النهائي، ال يمكن للمجلس أن يظل ساكنا، الوضع الحالي فــي غـــزة يـتـصـاعـد»، و«يـنـبـغـي للمجلس أن يستجيب للنداء العادل للدول العربية والـــشـــعـــب الـــفـــلـــســـطـــيـــنـــي»، و«لــــيــــس لـــدى مــجــلــس األمـــــن أي ســبــب لــلــبــقــاء صـامـتـا ولـيـس لـديـه أي عــذر ملـزيـد مــن التأخير»، و«إن عيون العالم أجمع تتجه نحو هذه الـقـاعـة. ونـحـن نـدعـو املجلس إلــى اتخاذ إجراء ات جماعية مسؤولة وذات مغزى من دون تأخير وإرسال رسالة واضحة وقوية وموحدة»، و«على املجلس أن يدافع بحزم عـــن ســـيـــادة الـــقـــانـــون الــــدولــــي، وأن يـديـن بـشـكـل ال لـبـس فـيـه جميع أعــمــال العنف والــهــجــمــات ضـــد املـــدنـــيـــني، وأن يــعــارض بــشــكــل ال لــبــس فــيــه أي انــتــهــاك لـلـقـانـون الدولي»، و«ليس أمام مجلس األمن بديل ســـوى اتـــخـــاذ املـــزيـــد مـــن اإلجـــــــراءات على الفور، بأكبر قدر من الشعور باملسؤولية وأقـوى التصميم، لحماية العدالة وإنقاذ األرواح وتحقيق السالم»، و«على مجلس األمن أن يتخذ إجــراءات للضغط من أجل
وقف إطالق النار، وال ينبغي أن يكون هذا موضوعا للنقاش، بل هو التزام أخالقي ال يمكن للمجلس أن يـتـهـرب مــنــه، وهـي مــســؤولــيــة قــانــونــيــة يــجــب أن يـتـحـمـلـهـا املجلس. أكثر من ذلك، هذا مطلب سياسي على املجلس الوفاء به وفقا للميثاق». هل امتلك مجلس األمن القدرة على تطبيق الــــــقــــــرارات الـــســـابـــقـــة الـــتـــي حــصــلــت عـلـى إجـمـاع األعـضـاء فيما يتعلق بفلسطني؟ الـجـواب بـوضـوح: كـال جلية. هـل التزمت الصني نفسها في قرارات مجلس األمن في ما يتعلق باالستيطان وعدم مشروعيته؟ الجواب: ال أيضًا، فالصني ذاتها تستثمر في املستوطنات وتستحوذ على شركات استيطانية، وتساهم في البنية التحتية لــلــمــســتــوطــنــات، وخـــصـــوصـــًا فــــي مــجــال تعبيد الطرق وتسهل انتقال املستوطنني مـــن الــضــفــة الــغــربــيــة والــــقــــدس الــشــرقــيـة إلـــــــى املـــــــــدن الـــفـــلـــســـطـــيـــنـــيـــة فـــــي الـــــداخـــــل املــحــتــل. وتـــقـــف هــــذه الــنــقــطــة، عــلــى وجــه الخصوص، عائقًا كبيرًا أمام تبني الصني حــــل الـــدولـــتـــني، وتـــدحـــض دعـــواتـــهـــا إلــى الـسـيـر بـاتـجـاه الـتـسـويـة السلمية ودعــم الـفـلـسـطـيـنـيـني. كــيــف تـــدعـــم إقـــامـــة دولـــة فـلـسـطـيـنـيـة، وفــــي الـــوقـــت نــفــســه، تعطي شرعية للوجود االستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية؟ إذا كـانـت قــــرارات مجلس األمـــن ال تطبق فــــي الـــحـــالـــة الـفـلـسـطـيـنـيـة مــــن جـــهـــة، وال تلتزم بها الـصـني مـن جهة أخـــرى، يكون الـسـؤال: ملـاذا تستمر األخيرة في التأكيد عـــلـــى ضـــــــرورة مـــمـــارســـة املـــجـــلـــس أدوارًا أكـــبـــر وتـحـمـيـلـه مــســؤولــيــة وقــــف الــحــرب