يلقي المصير المظلم لمعارضي الرئيس الروسي فالديمير بوتين، الضوء على غياب المنافسة الجدية له في الرئاسيات، إذ رغم اختيار بعضهم المنفى، إال أن العديدين سجنوا أو قضوا اغتياًال
يـــخـــوض الـــرئـــيـــس الــــروســــي فــالديــمــيــر بوتني، االنتخابات الرئاسية في بالده املــــــقــــــررة بـــــني يــــومــــي الـــجـــمـــعـــة واألحــــــد املــقــبــلــني، بــغــيــاب أي مـــعـــارضـــة وازنـــــة، بعد إقـصـاء العديد منهم فـي السنوات املاضية. وشكلت وفاة املعارض أليكسي نافالني في السجن في 16 فبراير/شباط املــــاضــــي، تـــذكـــيـــرًا بــمــصــيــر املـــعـــارضـــني الـــرئـــيـــســـيـــني لـــســـيـــد الــــكــــرمــــلــــني. وكـــــان نافالني املعارض الرئيسي لبوتني ألكثر من عقد وتعرض للمضايقة والتسميم والـــســـجـــن، وتـــوفـــي فـــي مـعـسـكـر عـقـابـي فـي القطب الشمالي، حيث كــان يقضي حــكــمــًا بــالــســجــن ملـــــدة 19 عـــامـــًا بـتـهـمـة «الـــتـــطـــرف». وحـــمـــل أنـــصـــاره وعــــدد من القادة الغربيني بوتني مسؤولية وفاته، ووصفها بعضهم بأنها «جريمة قتل»، بـعـد ثـــالث ســنــوات مــن االعــتــقــال. وقبل وفاة نافالني، اغتيل نائب رئيس الوزراء السابق بـوريـس نيمتسوف الــذي طرح اســمــه فـــي تـسـعـيـنـيـات الـــقـــرن الـعـشـريـن لــــخــــالفــــة الــــرئــــيــــس بـــــوريـــــس يـــلـــتـــســـني، بالرصاص في فبراير 2015 أثناء عودته إلى منزله سيرًا، على جسر في موسكو قــريــب مـــن الــكــرمــلــني. وكــــان نيمتسوف قـــد أصـــبـــح فـــي بـــدايـــة األلـــفـــيـــة مــعــارضــًا مــن الــصــف األول لــبــوتــني. واغــتــيــل بعد أقــــل مـــن عــــام عــلــى اعـــتـــراضـــه عــلــى ضم شــبــه جـــزيـــرة الـــقـــرم األوكـــرانـــيـــة، واتــهــم مــؤيــدو نـيـمـتـسـوف الــزعــيــم الشيشاني رمضان قديروف بإصدار أمر االغتيال، لــكــن قـــديـــروف نـفـى ذلــــك. وفـــي أكـتـوبـر/ تـشـريـن األول ،2006 قـتـلـت الصحافية االستقصائية آنــا بوليتكوفسكايا في بهو املبنى الــذي تقيم فيه في موسكو.
وكــــــانــــــت مــــراســــلــــة صـــحـــيـــفـــة «نــــوفــــايــــا غازيتا» املستقلة في روسـيـا، معارضة شرسة للكرملني ومعروفة بانتقاداتها للحرب الروسية الدامية في الشيشان. ويـقـبـع مــعــارضــون آخـــــرون فـــي السجن وبـــيـــنـــهـــم أولــــيــــغ أورلــــــــــوف، املـــــدافـــــع عـن حقوق اإلنسان واملنظمة غير الحكومية الــرمــزيــة «مـــيـــمـــوريـــال». وقـــد حـكـم عليه فــــي أواخـــــــر فـــبـــرايـــر املــــاضــــي، بـالـسـجـن ملـدة عامني ونصف العام بسبب إدانته املتكررة للهجوم الروسي على أوكرانيا. وفي إبريل/نيسان 2023 قضت محكمة فـي موسكو بسجن املـعـارض فالديمير كـــــارا-مـــــورزا 25 عـــامـــًا، لــنــشــره «أخـــبـــارًا كاذبة» عن الجيش الروسي. وكارا-مورزا مسجون منذ إبـريـل ،2022 وكــاد يموت بعدما تعرض للتسميم مرتني على حد قوله، متهمًا موسكو بتدبير املحاولتني.
أما إيليا ياشني فيقضي حكم استئناف بالسجن لثماني سنوات ونصف السنة مـنـذ إدانـــتـــه فــي ديـسـمـبـر/كـانـون األول 2022 ألنه دان «قتل مدنيني» في مدينة بــوتــشــا األوكـــرانـــيـــة الــصــغــيــرة الـقـريـبـة مـن كييف، حيث اتـهـم الجيش الروسي بارتكاب ممارسات نفتها موسكو. وفي يناير/كانون الثاني املاضي، حكم على املعارض القومي إيغور غيركني، القائد الـسـابـق لالنفصاليني املــوالــني لروسيا فــــي شـــــرق أوكــــرانــــيــــا الـــــــذي أصــــبــــح مـن منتقدي الـسـلـطـات الــروســيــة، بالسجن ملــــدة أربـــــع ســــنــــوات. وتــقــضــي مـقـربـتـان مـــن نــافــالــنــي، هـمـا لـيـلـيـا تشانيتشيفا وكسينيا فاديفا، عقوبة السجن بتهمة «الـتـطـرف». ووفـقـًا ملنظمة «ميموريال» غـــيـــر الـــحـــكـــومـــيـــة، هـــنـــاك أكـــثـــر مــــن 250 «سـجـيـنـًا سـيـاسـيـًا» فــي روســيــا حاليًا. واخـــــتـــــار مــــعــــارضــــون آخـــــــــرون املـــنـــفـــى، ومنهم مثل بطل الشطرنج السابق غاري كاسباروف، الـذي أدرجته موسكو على قائمة «اإلرهـابـيـني واملـتـطـرفـني» أخـيـرًا. كما لجأ قطب النفط السابق ميخائيل خــودوركــوفــســكــي إلــــى بــريــطــانــيــا، بعد قــضــائــه 10 ســـنـــوات فـــي ســجــن روســــي، النــــتــــقــــاده بــــوتــــني. وتــــالحــــق الــســلــطــات الروسية املعارضني فـي املنفى، ومنهم الكاتب بوريس أكونني املقيم في لندن إذ اتهمته موسكو بـ «نشر معلومات كاذبة» عـــن الــجــيــش و«الــــدعــــوة إلــــى اإلرهــــــاب». كــمــا صــنــفــت روســـيـــا مــئــات األشــخــاص والناشطني املدافعني عن حقوق اإلنسان واملــعــارضــني والـصـحـافـيـني بــ «الـعـمـالء األجانب».