األقصى خالل رمضان في ظل العدوان
مــــع اســــتــــمــــرار الــــــعــــــدوان واإلبـــــــــــادة عـلـى الـــشـــعـــب الــفــلــســطــيــنــي فـــــي قــــطــــاع غــــــزة، أصبح غير متوقع التوصل إلـى اختراق فــي املــفــاوضــات غير املـبـاشـرة بــني حركة حـــمـــاس واالحـــــتـــــالل اإلســـرائـــيـــلـــي، يــوفــر الـــبـــيـــئـــة الــــهــــادئــــة لــلــشــعــب الــفــلــســطــيــنــي والشعوب العربية واإلسالمية ألن تحتفل بـشـهـر رمــضــان املـــبـــارك. ومـــن املــتــوقــع أن تنتقل األنظار إلى مدينة القدس املحتلة، وبـــالـــذات إلـــى الــحــرم الــقــدســي الـشـريـف/ املـسـجـد األقـــصـــى، والـــــذي سـيـكـون محط أنـــظـــار الــعــالــم، ملـــا لـــه مـــن قــدســيــة خـاصـة لنحو مـلـيـاري مسلم، وبالتأكيد ملاليني املسلمني في فلسطني التاريخية. اســتــبــق املــحــتــل اإلســرائــيــلــي الـصـعـوبـات الـــتـــي ســتــواجــهــه فـــي الـــقـــدس بـــعـــزل وزيـــر األمـن الداخلي، املتطرف إيتمار بن غفير، عن قــرارات تنفيذية متعلقة بما سيجري فـــي األقــــصــــى، كــمــا صــــرح رئـــيـــس الــــــوزراء اإلســــرائــــيــــلــــي، نـــتـــنـــيـــاهـــو، بــــأنــــه لـــــن يــتــم وضـــع قــيــود عـلـى دخــــول بــاحــات املسجد األقـصـى فـي شهر رمـضـان. يقول الجانب اإلسرائيلي إن االحتالل سيسمح بدخول األعــــــــداد نــفــســهــا الـــتـــي كـــانـــت تــصــلــي فـي «األقصى» في السابق، وهنا سندخل في حرب األرقام، حيث التقديرات اإلسرائيلية مختلفة كثيرا عن التقديرات الصادرة عن مــجــلــس األوقـــــــاف اإلســــالمــــي فـــي الـــقـــدس، الــذي أصــدر بيانا مهما يعالج كـل األمـور الخاصة بالشهر الفضيل، وبما سيجري فــــي الــــحــــرم الـــقـــدســـي الـــشـــريـــف/ املــســجــد األقصى، بما في ذلـك موضوع االعتكاف، وهــــــــو الــــــــــذي تــــرفــــضــــه إســـــرائـــــيـــــل جــمــلــة وتـفـصـيـال. قـــال إنـــه سيسمح بـاالعـتـكـاف ليلتي الخميس والجمعة من كل أسبوع، كــمــا سـيـتـم الــســمــاح بــاالعــتــكــاف فـــي آخــر عشرة أيام من شهر رمضان، والتي تشمل ليلة القدر، الليلة التي يـؤم فيها األقصى مئات اآلالف من املصلني. اجتمع العاهل األردنــي، عبد الله الثاني (الــعــائــلــة الـهـاشـمـيـة صــاحــبــة الــوصــايــة على املقدسات اإلسالمية واملسيحية في الـقـدس)، وهـو الــذي تدير حكومة بـالده، من خالل وزارة األوقاف األردنية، شؤون األقــصــى، اجتمع أخـيـرًا مـع نـــواب العرب في الكنيست اإلسرائيلي، للتشاور بشأن أفـــضـــل الـــحـــلـــول لـــتـــجـــنـــب االنــــفــــجــــار فـي القدس وضمان حرية التعبير والعبادة وحــــــق الــجــمــيــع فــــي الــــوصــــول إلـــــى دور عبادتهم، وأهمها املسجد األقصى. ولـــــكـــــن، رغــــــم كـــــل الـــتـــجـــهـــيـــزات املــســبــقــة والــــحــــوارات املــســتــمــرة، ال يــــزال مـجـهـوال لـــلـــجـــمـــيـــع كـــيـــف ســـتـــتـــصـــرف قــــــوى أمـــن االحتالل في مواقع عديدة، ومنها نقاط عـــبـــور الـفـلـسـطـيـنـيـني مـــن بـــاقـــي الـضـفـة الــغــربــيــة إلـــى الـــقـــدس؟ ثـــم كــيــف ستكون األوضــــاع عـلـى أســــوار الــقــدس، مــن حيث السماح أو املنع لدخول البلدة القديمة؟ وأخيرا كيف سيجري التعامل مع املصلني فـي أبـــواب املسجد األقـصـى الــذي يشارك حــراســه غير املسلحني فـي حمايتها مع الشرطة اإلسرائيلية املـدجـجـة بالسالح والـــتـــي تــفــرض مـواقـفـهـا بــالــقــوة. ولـيـس معروفا كيف ستتعامل إسرائيل ليلتي الـخـمـيـس والـجـمـعـة املــوافــقــتــني 14 و51 مارس/آذار مع املعتكفني في األقصى. هل سيجري، مرة أخرى، اقتحام دور العبادة داخـــل سـاحـات املسجد الـتـي تشمل 144 دونـمـا، أي دوس أراضــي البلدة القديمة أم تمتنع عن ذلك؟ ويبقى السؤال األكبر: كيف ستتعامل الــدول العربية واملسلمة فــي شـهـر رمــضــان مــع اسـتـمـرار الــعــدوان وحـرب املجاعة اإلسرائيلية ضد الشعب الـفـلـسـطـيـنـي فـــي غـــــزة، فـــي حــــال اسـتـمـر الوضع الحالي من دون اتفاق مؤقت أو دائم لوقف إطالق النار. دخل العدوان اإلسرائيلي شهره السادس، ولـــــم يــســتــطــع تــحــقــيــق هـــدفـــيـــه املــعــلــنــني، تــــحــــريــــر املـــــوقـــــوفـــــني اإلســــرائــــيــــلــــيــــني مــن مــدنــيــني وعــســكــريــني لـــدى حــركــة حــمــاس، ولـم تنته «حـمـاس» كما كانوا يخططون، في حني دفع الشعب الفلسطيني والحجر الفلسطيني واملؤسسات الثقافية والدينية والـــتـــراثـــيـــة الــثــمــن الــبــاهــظ لـــهـــذا الـــعـــدوان الغاشم الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء، وأصـــبـــح يــرتــكــب، كـمـا قــالــت دولــــة جـنـوب أفـريـقـيـا، حـــرب إبــــادة. الــوضــع فــي الـقـدس الـشـريـف وبــاقــي فلسطني قنبلة موقوتة، تـبـقـى هـــادئـــة فـــي حـــال امــتــنــع املــحــتــل عن اســـــتـــــفـــــزاز املــــصــــلــــني وســــمــــح لــلــمــســلــمــني بــالــعــبــادة والــــوصــــول إلــــى أقـــصـــاهـــم، وقــد تــنــفــجــر فــــي وجـــوهـــهـــم فــــي حـــــال رفـــضـــوا نصائح الحكماء وانقادوا وراء املتطرفني، فأي من هذين السيناريوهني سيحدث في شهر رمضان، وخصوصا في القدس؟