Al Araby Al Jadeed

التلوث ينشر السرطان في شمال سورية

- هاتاي ـ عبد اهلل البشير

زادت نــســب اإلصــــاب­ــــة بـــمـــرض الــســرطـ­ـان فـــي مـنـطـقـة شــمــال شــــرق ســـوريـــ­ة نــحــو 7 فـي املـائـة خــال األعـــوام العشرة األخـيـرة، بحسب تقديرات أطباء وخبراء صحيني، ويواجه املـرضـى صعوبات كبيرة فـي الــوصــول إلــى مراكز العاج في إقليم كردستان العراق أو مستشفيات مناطق سيطرة النظام الـسـوري، وأيضًا مشكات عـدم توفر األدويـــة في املنطقة الخاضعة لسيطرة اإلدارة الـــذاتــ­ـيـــة. يـــقـــول الــطــبــ­يــب املــتــخـ­ـصــص في األمـــــر­اض الـسـرطـان­ـيـة دانــيــش مـحـمـود لــ«الـعـربـي الــجــديـ­ـد»: «مـــن بــني األســـبــ­ـاب الــتــي زادت مـعـدالت اإلصــابــ­ة بالسرطان تـلـوث البيئة بتأثير انقطاع الـــكـــه­ـــربـــاء الـــــذي فــــرض اســـتـــخ­ـــدام مــــولـــ­ـدات تعمل بالديزل وتنتج انبعاثات ضـــارة تضاف إلــى تلك الـــنـــا­تـــجـــة مــــن ســــيــــ­ارات الــــديــ­ــزل وحـــــراق­ـــــات الـنـفـط الــبــدائ­ــيــة، وأيــضــًا ســـوء مــراقــبـ­ـة األغـــذيـ­ــة». ويشير إلى فقدان كل مقومات العاج بتأثير عدم إمكانية وصــــول املـــرضــ­ـى إلــــى الـــعـــا­جـــات بـسـبـب ظـروفـهـم املادية السيئة، ويقول: «تتواجد في املنطقة أنواع من العاجات الكيميائية الرخيصة، أما الجرعات الحساسة مرتفعة الثمن فـا تتوفر إال فـي إقليم كردستان العراق أو دمشق. وفي كل األحوال تفتقر املنطقة إلى مركز مجاني لعاج مرضى السرطان،

فـي حـني يقدم مركز الـهـال األحـمـر الـكـردي بعض العاجات ضمن اإلمكانات املتاحة لديه». من جهته، يقول الصيدالني صاح رمو لـ«العربي الــجــديـ­ـد»: «تنتشر الـسـرطـان­ـات واألورام الخبيثة بسبب الــهــواء املــلــوث مـن حــراقــات النفط البدائية، والــنــاس ال يـعـرفـون كيف يتعاملون مــع األوضـــاع الـصـحـيـة الـسـيـئـة لـــذا نــحــتــا­ج إلـــى دعـــم املـنـظـمـ­ات الـــدولــ­ـيـــة». وكـــــان إحـــصـــا­ء أجـــرتـــ­ه وكـــالـــ­ة األبـــحــ­ـاث الدولية الخاصة بالسرطان التابعة ملنظمة الصحة العاملية ذكـر أن سـوريـة تحتل املـركـز الخامس بني بــلــدان غــرب آسـيـا األكــثــر انـتـشـار لــــأورام الخبيثة والسرطان، وأن هناك 196 مريضًا 105و وفيات من بني كل مائة ألف سـوري. تقول سلوى التي تعيش في حي قـدور بيك بمدينة القامشلي وكانت فقدت ابنتها شهناز في سن الـ53 بسبب مرض السرطان، لـ «العربي الجديد»: «عانت أسرتي من عـذاب كبير وتعب وخسرت أمــواال كثيرة خـال خمس سنوات مــن مـــرض شــهــنــا­ز. كــانــت كــل جـلـسـة عـــاج تكلفنا مبلغًا كبيرًا عــدا أجـــرة الـطـائـرة مـن القامشلي الى دمشق، وأجرة استئجار منزل قرب املستشفى، ولم تساعدنا أي جمعيات أو منظمة أو هيئة حكومية». ويــخــبــ­ر مــحــمــو­د عــبــد الــحــي مـــن أبـــنـــا­ء الـقـامـشـ­لـي «الـعـربـي الـجـديـد» أن قريبته مريضة بالسرطان، ويــــقـــ­ـول: «بــالــنــ­ســبــة إلــــى مـــرضـــى الـــســـر­طـــان الــذيــن يــذهــبــ­ون إلــــى الـــعـــا­ج فـــي دمـــشـــق تــســتــغ­ــرق رحـلـة الــــبـــ­ـاص 23 ســــاعـــ­ـة عـــلـــى الـــطـــر­يـــق الــــتـــ­ـي تـتـضـمـن حـواجـز كثيرة، وهــم ينامون فـي فـنـادق، ويعانون من ارتـفـاع ثمن األدويـــة وصعوبة إيجادها. أيضًا يواجه املرضى الذين يتعالجون في إقليم كردستان صعوبات فـي الــدخــول، لــذا يفترض أن تهتم جهة حكومية أو منظمات بإيجاد حلول ملشكاتهم على صعيد التنقات والتكاليف واألدوية املفقودة أيضًا في املنطقة، سواء الحقن والجرعات التي تتوفر في دمشق وكردستان فقط». يضيف: «قريبتي في الـ53 من العمر، وهـي أم لــ6 أطفال ولديها ابنة من ذوي االحتياجات الخاصة. ورغم قساوة الواقع واملرض تـعـيـش عـائـلـتـه­ـا بـــا كـــهـــرب­ـــاء، وتــعــانـ­ـي كــثــيــرًا من االنتقال إلـى دمشق، ونحن نرجو أن تعمل اإلدارة الـــذاتــ­ـيـــة عــلــى تــوفــيــ­ر الـــعـــا­ج فـــي املـنـطـقـ­ة مـــن أجــل تخفيف معاناة املرضى الذين يواجهون كل أزمات األدوية والتكاليف والتنقل». وتــعــانـ­ـي مــنــاطــ­ق شـــمـــال شـــرقـــي ســـوريـــ­ة مـــن أزمـــة املــــلــ­ــوثــــات الـــتـــي تــنــتــش­ــر فــــي الــــهـــ­ـواء وتـــشـــك­ـــل أحـــد أسباب ارتفاع معدالت اإلصابة بمرض السرطان، علمًا ان مــصــادر فــي اإلدارة الــذاتــي­ــة تـقـول إن 60« فـــي املـــائــ­ـة مـــن مــصــابــ­ي الـــســـر­طـــان الـــذيـــ­ن يـتـلـقـون الـعـاج فـي دمشق مـن سكان منطقة شمال شرقي سـوريـة، ويـفـوق عـددهـم 5 آالف». ويـؤكـد ناشطون في املجالني الطبي واإلنساني وجود ثغرات كبيرة فـــي عــــاج مـــرضـــى الـــســـر­طـــان فـــي مــنــطــق­ــة الــشــمــ­ال السوري، ويشيرون إلى أن «منظمات عدة ترغب في العمل في املنطقة، لكن الدور األكبر يجب أن يلعبه املـانـحـو­ن الــدولــي­ــون لتأمني مبالغ كبيرة مــن أجل إنـشـاء مـراكـز وتجهيزها وتوفير أدويـــة». ويعتبر هؤالء الناشطون أن «تحمل العالم مسؤولياته ومد يد العون لأطفال واملرضى وإنقاذهم من املوت، من شأنه أن يساعد في ترميم بقايا الثقة مع الشعب السوري، والتي تحطمت آخرها أثناء الزلزال األخير الذي تم فيه التجاهل املطلق لإلنسان السوري، ومن دون أدنى مراعاة لحقوق اإلنسان وامليثاق الدولي».

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar