Al Araby Al Jadeed

الناتو المهدد وجوديًا

خيمت تصريحات الرئيس األميركي السابق دونالد ترامب، التي عاد فيها ليهدد الــدول األوروبــي­ــة بشأن عضويتها في حلف شمال األطلسي، لتخيم على أجواء ضفتي األطلسي وتثير مخاوف جديدة أوروبا مرتبكة من ترامب الذي «يعني ما يقول»

- كوبنهاغن ـ ناصر السهلي

أعلنت ألمانيا زيادة إنفاقها الدفاعي ليصل إلى أكثر من %2

دان جو بايدن التصريحات «الغبية والمخزية» لترامب

بعدما عاد ليذكر القارة األوروبية بطرحه في عام 2018 حول إمكانية انـــســـح­ـــاب الــــــوا­ليــــــات املـــتـــ­حـــدة مـن حلف شمال األطلسي (ناتو)، وعدم رغبتها بـخـوض حـــروب للدفاع عـن الــقــارة العجوز، ازداد مـنـسـوب الـقـلـق لـــدى قـــادة أوروبـــــ­ا من احــتــمــ­ال عــــودة الــرئــيـ­ـس األمـــيــ­ـركـــي الـسـابـق دونــالــد تــرامــب إلـــى الـبـيـت األبــيــض، إذا فـاز بـــتـــرش­ـــيـــح حــــزبـــ­ـه الـــجـــم­ـــهـــوري وتـــمـــك­ـــن مـن الـتـغـلـب عــلــى الــرئــيـ­ـس الــحــالـ­ـي جـــو بــايــدن. وبينما نـــدد بــايــدن، أول مــن أمــس الـثـاثـاء، بتصريحات جديدة لترامب، ذكر فيها بأنه لـــــوح خــــال فـــتـــرة رئـــاســـ­تـــه بـــأنـــه قـــد يشجع الـــرئـــ­يـــس الـــــروس­ـــــي فـــاديـــ­مـــيـــر بـــوتـــن­ي عـلـى مهاجمة إحـــدى الـــدول األوروبــي­ــة إذا لـم تف بــالــتــ­زامــاتــه­ــا املــالــي­ــة لــلــنــا­تــو، واصـــــل فـريـق تـرامـب الـعـزف على املـنـوال ذاتـــه، مـع مقترح جــديــد ألحـــد مـسـتـشـار­ي الـرئـيـس األمـيـركـ­ي الـــســـا­بـــق بـــشـــأن الـــحـــل­ـــف، مـــا يـــؤكـــد تصميم ترامب على أن ملف األطلسي سيكون مجددًا على أجندته إذا عاد إلى البيت األبيض. ودفعت الصدمة املستجدة لدى قادة أوروبا، مـــع عـــــودة تــصــريــ­حــات تـــرامـــ­ب بـــشـــأن حلف األطلسي، إلى الرد عليها، علما أنها تجد ما يبررها أكثر في زمـن الحرب الروسية على أوكـرانـيـ­ا. فترامب لـم يخف يوما رغبته في الـتـعـامـ­ل مــع بــوتــني، أو مــع الــزعــيـ­ـم الــكــوري الشمالي كيم جونغ أون. وكــان األوروبـيـ­ون خال رئاسة ترامب يعتقدون أن تصريحاته فــي ذلـــك الــوقــت حـــول الـنـاتـو هـدفـهـا دفعهم نحو زيـادة إنفاقهم الدفاعي إلى مستوى 2 فـي املـائـة مـن الناتج اإلجـمـالـ­ي املحلي. لكن تـشـكـيـك تـــرامـــ­ب، فـــي تــصــريــ­حــات أدلــــى بها السبت املاضي، باملادة الخامسة من ميثاق «األطـــلــ­ـســـي»، حــــول اعــتــبــ­ار أي هــجــوم على دولــــة عـضـو هـجـومـا عـلـى الـجـمـيـع، ينسف أسـس الحلف 31( دولــة، وبعضوية السويد متى ما تحققت يصبح 32 دولة). ولعل األكثر إياما لألوروبيني حقائق كشفت بـعـد خــــروج تــرامــب مــن الـبـيـت األبـــيــ­ـض، من بينها ما كشفه مسؤول أميركي كبير سابق لشبكة «سـي أن أن» قبل أيــام، عن أن األخير أوعز خال فترة رئاسته إلى كبير مستشاريه

مايك كيلي، ووزير الدفاع األسبق مارك إسبر، بــوضــع خـطـة انـسـحـاب مــن الــنــاتـ­ـو. وأعلنت أملـــانــ­ـيـــا، أمــــس، عـــن زيـــــادة إنــفــاقـ­ـهــا الــدفــاع­ــي ليصل إلــى أكثر مـن 2 فـي املـائـة مـن إجمالي الــنــاتـ­ـج املــحــلـ­ـي. وأكـــــدت الــحــكــ­ومــة األملــانـ­ـيــة أنها ستخصص 73.41 مليار دوالر لإنفاق على مجال الدفاع خـال العام الحالي، وهو رقـم قياسي للباد. وتشير هـذه الـزيـادة إلى الــتــزام بـرلـني بـالـتـزام­ـات الـنـاتـو، الـــذي يشدد على ضــرورة أن يكون إنفاق الــدول األعضاء في الحلف على الدفاع عن النفس ال يقل عن 2 فــي املــائــة مــن ناتجها املـحـلـي. ومـــن املـقـرر أن تتم مناقشة تطور اإلنفاق الدفاعي لدول الـنـاتـو، الــيــوم الـخـمـيـس، فــي بـروكـسـل. ومـن املتوقع أن تصل نحو 20 دولــة مـن بـني دول الحلف الــــ13 إلــى هــدف 2 بـاملـائـة هــذا الـعـام. وأكد األمني العام للحلف ينس ستولتنبرغ، أمـــس، أن 18 مـن دول الحلف ستحقق هدف الوصول باإلنفاق الدفاعي إلى 2 باملائة من ناتجها املحلي اإلجمالي خال ،2024 مضيفا

من بروكسل أن الدول األوروبية األعضاء في التحالف ستستثمر إجماال 380 مليار دوالر في الدفاع هذا العام. لكن فـريـق تــرامــب لــم يكتف بما قـالـه األخير السبت املـاضـي، إذ واصــل طـرح خطط بشأن مــســتــق­ــبــل الـــحـــل­ـــف. وفـــــي هـــــذا الــــســـ­ـيــــاق، قـــال الجنرال املتقاعد وكبير املوظفني في مجلس األمــن القومي للرئيس السابق كيث كيلوغ، أول من أمس، لوكالة «رويترز»، إنه سيسعى إلجـــراء تغييرات فـي حلف األطلسي إذا عاد تــــرامــ­ــب إلـــــى الــســلــ­طــة قــــد تــــــؤدي إلـــــى فـــقـــدا­ن بعض الـدول األعضاء الحماية من أي هجوم خارجي. وأضـاف كيلوغ أنه إذا تقاعس أحد أعضاء الحلف عن إنفاق ما ال يقل عن 2 في املائة من الناتج املحلي اإلجمالي على الدفاع، فــســيــد­عــم تــجــريــ­د تــلــك الـــدولــ­ـة مـــن الــحــمــ­ايــة، مشددًا على رؤيته بأن «التحالفات مهمة، لكن إذا كنت ستصبح جزءًا من حلف يتعني عليك املساهمة فيه». ولم يفصح كيلوغ عما إذا كان قد ناقش اقتراحه مع ترامب، رغم أنه قال إنهما كثيرا ما ناقشا مستقبل الحلف، ولفت إلى أنه إذا فاز ترامب، فإنه من املرجح أن يقترح عقد اجـتـمـاع للحلف فــي يـونـيـو/ حـــزيـــر­ان 2025 ملناقشة املستقبل، وقال إن الحلف قد يصبح بـعـد ذلـــك «حـلـفـا مـتـعـدد املــســتـ­ـويــات»، حيث يتمتع بعض األعضاء بحماية أكبر بناء على التزامهم باملواد التأسيسية للحلف. كما قال كـيـلـوغ إنـــه مــن املـمـكـن فـــرض عـقـوبـات أخــرى أقل شدة، مثل عدم الحصول على التدريب أو العتاد املشترك، مشيرًا إلى أن الدول األعضاء لــهــا حـــريـــة االنـــســ­ـحـــاب مـــن الـــحـــل­ـــف. وتــنــص املادة الثالثة من قانون الحلف على أنه يجب على الــدول األعـضـاء في الناتو بـذل الجهود املناسبة لتطوير قدراتها الدفاعية الفردية، غير أنها ال تنص على أنــه يجب على الــدول إنـفـاق مـا ال يقل عـن 2 فـي املـائـة مـن ناتجها املــحــلـ­ـي اإلجـــمــ­ـالـــي عــلــى الــــدفــ­ــاع. لــكــن الــــدول األعضاء تعهدت في قمة عـام 2014 في ويلز بالتحرك نحو هذا الرقم في غضون عقد من الزمن. مـــن نــاحــيــ­ة أخــــــرى، فــــإن غــمــز تـــرامـــ­ب أخــيــرًا مـــن زاويـــــة أنــــه إذا فــــاز فــســيــك­ــون قـــــادرًا على مــحــادثـ­ـات جــيــدة مـــع «رئـــيـــس دولــــة كـبـيـرة»، فهمه األوروبيون بأنه يعني به بوتني. وأمس علق الكرملني على تصريحات تـرامـب قائا إنـهـا ليست جــديــدة، بحسب املـتـحـدث باسم ديــمــتــ­ري بـيـسـكـوف، مضيفا أن نـسـبـة 2 في املـــائــ­ـة لــطــاملـ­ـا كــانــت مـــن رســائــلـ­ـه إلـــى الحلف (حني كان رئيسا). وعلى الرغم من أن رسوخ عــاقــة ضفتي األطــلــس­ــي، مـنـذ نـهـايـة الـحـرب الـعـاملـي­ـة الـثـانـيـ­ة، غـيـر مـرتـبـط بــلــون الـحـكـام فيها، إال أن عودة ترامب املحتملة إلى البيت األبيض يمكن أن تخلخل ذلك، خصوصا مع تــوقــع اســتــمــ­رار حـــرب أوكـــرانـ­ــيـــا، إضــافــة إلـى أن االمـتـعـا­ض الشعبي األمـيـركـ­ي مــن توفير األمــــــ­ـوال ألوكـــران­ـــيـــا يـــرفـــع مــنــســو­ب مــخــاوف أوروبــــا. ودان الـرئـيـس األمـيـركـ­ي جـو بـايـدن، أول من أمس، التصريحات «الغبية واملخزية» التي أدلـى بها ترامب السبت، بحسب تعبير الرئيس الديمقراطي، متهما سلفه بالرضوخ لـبـوتـني. وقـــال بــايــدن فــي تـصـريـح متلفز من البيت األبيض لحض املشرعني الجمهوريني على إقرار حزمة مساعدات حيوية ألوكرانيا إن تــــصــــ­ريــــحـــ­ـات تـــــرامـ­ــــب «غــــبــــ­يــــة ومـــخـــز­يـــة وخطيرة»، متسائا: «هل يمكنكم أن تتخيلوا رئـيـسـا سـابـقـا لـلـواليـا­ت املـتـحـدة يـقـول ذلــك؟ الــعــالـ­ـم بـــأســـر­ه ســمــع ذلـــــك. واألســـــ­ـوأ هـــو أنــه يعني ما يقول». وتابع: «لم ينحن أي رئيس آخر في تاريخنا لديكتاتور روسي. سأقولها بأوضح ما يمكنني: لن أفعل ذلك إطاقا». واتــــهــ­ــم بــــايـــ­ـدن تــــرامــ­ــب بـــالـــت­ـــصـــرف كــزعــيــ­م عــــصــــ­ابــــة فــــــي مــــــا يـــتـــعـ­ــلـــق بــــحــــ­لــــف شـــمـــال األطـلـسـي، قــائــا إن تــرامــب «عـنـدمـا يتطلع إلـى حلف شمال األطلسي ال يـرى التحالف الـــذي يحمي الــواليــ­ات املتحدة والـعـالـم، بل يرى منظومة ابتزاز».

 ?? (جوليا نيكينسون/ytteG) ?? ترامب في كارولينا الجنوبية، السبت الماضي
(جوليا نيكينسون/ytteG) ترامب في كارولينا الجنوبية، السبت الماضي

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar