Al Araby Al Jadeed

النتيجة الحتمية إلدمان القروض

- مصطفى عبد السالم

ما حدث أمس في األرجنتني من قرارات صادمة وكارثية بحق املواطن يعد نتيجة حتمية لسياسة «إدمان» أي دولة للديون، واالتكاء على الخارج في تدبير نقد أجنبي يوجه لتسيير شؤون الدولة وسد عجز املوازنة ودفع الرواتب والدفاع عن العملة، وهو الجرم الذي ارتكبته الحكومات واألنظمة السابقة في بوينس آيرس، وأدى في النهاية إلى قذف البالد في أتون الفقر والتضخم والبطالة واملجهول والغموض وحالة الاليقني والتبعية للدائنني ورهن القرار السياسي واالقتصادي للخارج رغم أن الدولة الواقعة في قارة أميركا الالتينية زراعية بامتياز وُمصدر رئيسي للحبوب، وكان من املتوقع أن تصبح واحدة من الدول الصناعية الكبرى، إال أنها ضاعت وسط تالل الديون التي تجاوزت 100 مليار دوالر، وتضخم ،%143 وعملة تتهاوى يومًا بعد يوم، وفساد مستشٍر، وفقر أصاب %40 من السكان. قبل أيام خرج علينا املرشح الرئاسي، خافيير مايلي، ببرنامج داعب أحالم الناخبني الذين انتخبوه بالفعل: وعود بالقضاء على موجة الغالء خالل فترة قصيرة، والتغلب على األزمة املالية وتحقيق التوازن واالنضباط املالي في ميزانية ،2024 وخفض اإلنفاق الحكومي بنحو %40 من أجل تجنب التضخم املفرط، وعود قاطعة بإغالق البنك املركزي بل وتفجيره بالديناميت ألنه أساس املشاكل حسب قوله، وإلغاء التعامل بعملة البيزو املحلية واستبدالها بالدوالر، ولم ينس مايلي مهاجمة الدائنني والحكومات السابقة بشدة. لكن ما حدث عقب فوزه في االنتخابات يؤكد أن الوعود شيء والواقع شيء آخر، فقد تراجع عن فكرة إغالق البنك املركزي، وقال: «لم يقل أحد إن القضاء على البنك سيكون فوريًا». وأمس، اتخذ قرارات دراماتيكية وصادمة لعل وعسى تخرج البالد من أسوأ أزمة مالية مرت بها. من بني القرارات التي اتخذها بعد يومني فقط من تنصيبه، خفض قيمة العملة بأكثر من %50 مرة واحدة استجابة لطلبات وضغوط صندوق النقد الدولي املكررة، وتقليص الدعم الحكومي للوقود والنقل مع رفع األسعار، وخفض عدد الوزارات من 18 إلى 9 وإلغاء وزارات مثل األشغال العامة والتعليم والثقافة والعمل والتنمية. خطوات لقيت استحسانًا كبيرًا من املستثمرين الدوليني وأصحاب األموال الساخنة، وإشادة قوية من صندوق النقد الدولي الذي تهمه استعادة أمواله من بلد متعثر حتى ولو على جثث املاليني، لكنها بالطبع لن تلقى إشادة املواطن الذي تحول إلى فأر تجارب إلصالحات اقتصادية قاسية، ووعود لم تضع نهاية لتضخم قد يصل إلى 15 ألفًا باملائة سنويًا في حال عدم كبح جماحه بشهادة مايلي نفسه.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar