تأسيس لفيدرالية في شمال شرق سورية
«عقد اجتماعي» جديد لـ«اإلدارة الذاتية»
يفتح اعتماد المجلس العام في «اإلدارة الذاتية» لشمال وشرق سورية، عقدًا اجتماعيًا جديدًا الباب أمام الفيدرالية في أي تسوية سورية مقبلة، وسط تشكيك بإمكانية تطبيق العقد، الذي ال غطاء له، ال من النظام وال المعارضة وال أميركا
اعــــــتــــــمــــــد املــــــجــــــلــــــس الــــــــعــــــــام فـــي «اإلدارة الــذاتــيــة» لـشـمـال وشــرق ســـــوريـــــة، أمـــــس األول الـــثـــاثـــاء، عــقــدًا اجـتـمـاعـيـا جـــديـــدًا، تــضــمــن تـعـديـات طـاولـت بنية هـذه اإلدارة التي تعد الجهاز اإلداري لــــــ«قـــــوات ســــوريــــا الـــديـــمـــقـــراطـــيـــة» (قــــســــد)، فـــي خـــطـــوة لـلـتـأسـيـس ربـــمـــا ملـبـدأ الــفــيــدرالــيــة فـــي أي تـسـويـة مـقـبـلـة للقضية الـــســـوريـــة. وخـــــال جــلــســة، عـــقـــدت الــثــاثــاء املـــاضـــي فـــي مــديــنــة الـــرقـــة، صــــادق املجلس الــعــام فــي هـــذه اإلدارة عـلـى الـعـقـد الـجـديـد املـكـون مـن 134 مـــادة، تـتـوزع على 4 أبــواب، تتضمن الديباجة واملبادئ األساسية للعقد االجــتــمــاعــي والـــحـــقـــوق والـــحـــريـــات. ونــص العقد االجتماعي الجديد على تغيير اسم اإلدارة إلى «اإلدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا»، والتي أصبحت تـتـكـون مـــن إقـلـيـم واحــــد وهـــو إقـلـيـم شـمـال وشرقي سورية، ويتضمن سبع مقاطعات. كما تـم تعديل تسمية «املجلس الـعـام» إلى «مـــجـــلـــس شـــعـــوب شـــمـــال وشــــــرق ســــوريــــا». وسـيـتـم اســتــحــداث بـعـض املــؤســســات وفقا لــلــعــقــد االجـــتـــمـــاعـــي الــــجــــديــــد كــــ «مـــؤســـســـة الرقابة»، ومحكمة حماية العقد االجتماعي، وهــــي بــمــثــابــة مـحـكـمـة دســـتـــوريـــة. وتـــعـــرف «اإلدارة الـــذاتـــيـــة» الــعــقــد االجــتــمــاعــي على أنـــه «مــجــمــوعــة األســــس الــنــظــريــة والـعـمـلـيـة والقوانني والقواعد التنظيمية، التي توضع لتحدد العاقة بني الحاكم واملحكوم وتبني حـقـوق وواجــبــات األفـــراد واملـسـؤولـني داخـل املـجـتـمـع». ونـــص الـعـقـد الــجــديــد فــي مـــواده على أن «اإلدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشــــرق ســوريــا جـــزء مــن جـمـهـوريـة سـوريـا الديمقراطية»، وأن «اللغات: العربية، الكردية، الــســريــانــيــة، هـــي لــغــات رســمــيــة فـــي مناطق اإلدارة الـذاتـيـة الـديـمـقـراطـيـة»، وأن «اإلدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا تعتمد مـبـدأ استقالية الــقــضــاء»، و«تلتزم بـــاإلعـــان الـعـاملـي لـحـقـوق اإلنـــســـان وجميع لوائح حقوق اإلنسان ذات الصلة». ورأى ســــيــــهــــانــــوك ديـــــبـــــو، عــــضــــو الــهــيــئــة التنفيذية لحزب االتحاد الديمقراطي، وأحد أعـضـاء اللجنة املـصـغـرة الـتـي كتبت العقد الــجــديــد، أن «إعــــان هـــذا الـعـقـد هــو بمثابة إعـــان أمـــل للحل فــي ســـوريـــة». وأعــــرب، في حـديـث مــع «الـعـربـي الــجــديــد»، عــن اعتقاده بــأن «اإلدارة الـذاتـيـة لشمال وشـــرق سوريا نموذج حل حقيقي وفعال لألزمة السورية عـــلـــى أســــــاس الــــقــــرار الــــدولــــي ،»2254 آمــــا «أن يعطي هــذا العقد أمــا نحو حـل األزمــة السورية، وأن تحظى اإلدارة الذاتية ببعدها الوطني الـسـوري املـنـاسـب». وأوضـــح ديبو أن الـعـمـل عـلـى الـعـقـد الـجـديـد بـــدأ مـنـذ عـام 2020 حني تم تكليف لجنة موسعة من 158 عضوًا انبثقت عنها لجنة مصغرة، من قبل
سيهانوك ديبو: العمل على العقد الجديد بدأ منذ عام 2020
مـؤتـمـر أبــنــاء الــجــزيــرة والـــفـــرات الــــذي عقد أواخـــر ذاك الـعـام لكتابة العقد االجتماعي الجديد. وأشار إلى أن اللجنة عقدت عشرات االجــتــمــاعــات الـجـمـاهـيـريـة بـمـنـاطـق ومــدن «اإلدارة الذاتية»، مؤكدًا أن هذا العقد «يأخذ بـالـحـسـبـان عـــدة مــســائــل، مـنـهـا حـــل جميع القضايا القومية واملتعلقة بمسألة مكونات ســـوريـــة، ويـــحـــاول االســـتـــفـــادة مـــن الـتـجـربـة الـفـعـلـيـة والــعــمــلــيــة الــتــي مــــرت بــهــا اإلدارة الـــذاتـــيـــة طـيـلـة الـــســـنـــوات املـــاضـــيـــة». وتــابــع ديــبــو: «ثـمـة أجــســام ومـجـالـس ومـؤسـسـات دخلت إلى هيكلة اإلدارة الذاتية في القانون االجتماعي الـجـديـد، حيث ستتحول هيئة البلديات إلــى تجمع واتــحــاد للبلديات في شمال وشرقي سورية في املستقبل القريب».
ودمــــــــج عـــــــدة مــــرجــــعــــيــــات بــــســــن الــــقــــوانــــني الخاصة بها»، مضيفا: «جرى توحيد هذه املـرجـعـيـات وفـــق الـعـقـد الــجــديــد». وبـــني أن الجديد في هذا العقد «تحويل شمال شرقي سورية إلى إقليم واحد»، مضيفا: تم تغيير التسمية من «روج آفا» (غرب كردستان) إلى شمال وشرق سورية. ورأى الشواخ، املواكب للمشهد السياسي في شمال شرقي سورية في مركز «جسور» للدراسات»، أن استمرار هـــــذا الـــعـــقـــد «مــــرهــــون بـــاســـتـــمـــرار مـــشـــروع قسد واإلدارة الذاتية، واألهـم هو تطبيقه». وتـــــابـــــع: «مـــعـــظـــم تـــحـــركـــات قـــســـد خـــطـــوات مــــنــــفــــردة غـــيـــر مـــتـــفـــق عـــلـــيـــهـــا مـــــع الـــنـــظـــام واملـعـارضـة مـا يعني أنــه ال غطاء سياسيا لها حتى من الواليات املتحدة». وفــــــي الــــســــيــــاق، أبــــــــدى املـــحـــلـــل الـــســـيـــاســـي فــــريــــد ســـــعـــــدون، فــــي حــــديــــث مــــع «الـــعـــربـــي الــجــديــد»، مــاحــظــات حـــول الـعـقـد الـجـديـد، أولها استبعاد املعارضة الكردية لـــ«اإلدارة الذاتية» املتمثلة بـ «املجلس الوطني الكردي» عن املشاركة في كتابته، مضيفا: كتابة أي دستور ال تتم من طرف واحد. وتابع: هناك مشاكل بني املكون العربي في شمال شرقي ســــوريــــة وبـــــني اإلدارة الـــتـــي تـــدعـــي وجــــود أحــزاب وجهات عديدة شاركت في الكتابة، ولكن الحقيقة أن هذه األحزاب تدور في فلك حزب االتحاد الديمقراطي صاحب السلطة في املنطقة. وأشار إلى أنه «كان من املفترض وجود أكاديميني ووجهاء مجتمع في لجنة الكتابة»، مضيفا: اإلدارة شكلت لجانا من نفسها بعيدًا عن املشتغلني بالشأن العام. وأشـــار إلـى أنـه «مـن املفترض وجــود برملان مــنــتــخــب يــــصــــادق عـــلـــى الــــعــــقــــد، وتــتــشــكــل حكومة تعددية وفق العقد»، مضيفا: لم يكن هناك استفتاء شعبي على العقد، فضا عن أن مجلس اإلدارة العام جهة غير منتخبة ال يحق لها إصدار دستور. وتــأســســت «اإلدارة الـــذاتـــيـــة لــشــمــال شـرقـي ســــوريــــا» عـــــام 2013 إلدارة املـــنـــاطـــق الــتــي ســيــطــرت عــلــيــهــا «وحـــــــدات حــمــايــة الـشـعـب الـــكـــرديـــة»، والــتــي أصـبـحـت فــي 2015 الثقل الــرئــيــســي لـــــ «قــــوات ســـوريـــا الــديــمــقــراطــيــة» (قسد)، والتي تحكم اليوم نحو ثلث مساحة سـوريـة يشكل الـعـرب غالبية سكانه، ويعد األهم لغناه بالثروات الزراعية والنفطية.