Al Araby Al Jadeed

موسكو في ليبيا... مجرد أسئلة

- أسامة علي

ألول مرة يصرح مسؤول روسي عالي املستوى بوجود مجموعات «فاغنر» في ليبيا في سياق حديثه عن املجموعة وأعمالها املسلحة، وهو ما فعله وزير الخارجية سيرغي الفروف، قبل يومني، في تصريحات صحافية، عندما قال إن «مستقبل فاغنر في ليبيا ال يزال قيد الدراسة، خصوصًا أن عددًا من املقاتلني انضووا حاليًا تحت قيادة الجيش الروسي». والواقع أن موسكو، أنكرت أم لم تنكر صلتها بـ«فاغنر»، فاملعروف أنها ذراعها املسلحة غير الرسمية في املناطق والدول التي تسعى لبناء نفوذ لها فيها. لكن الالفت أن حديث الفروف جاء متزامنًا مع زيارة أجراها نائب وزير الدفاع الروسي يونس بيك يفكوروف إلى شرق ليبيا، والتقى فيها حصرًا اللواء املتقاعد خليفة حفتر، وفي معسكره الرئيسي في الرجمة، والذي استدعي بشكل رسمي لزيارة موسكو في نهاية سبتمبر/ أيلول املاضي، حيث التقى وزير الدفاع سيرغي شويغو، بل والرئيس فالديمير بوتني. كل هذه الصراحة الروسية املعلنة عن وجودها العسكري، تقابلها دبلوماسية روسية مرنة في التعامل مع امللف السياسي، وتحديدًا في طرابلس التي كثف فيها السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانني لقاءاته مع أغلب املسؤولني والقادة. صحيح، قد يقول أي مراقب للشأن الليبي إن هذه السياسة الروسية ليست جديدة، فهي تتعامل عسكريًا مع حفتر منذ سنوات بدون أن تترك فعاليتها في الشأن السياسي. لكن املختلف في هذه األشهر األخيرة هو التزامن بني وصول أغانني إلى طرابلس في يوليو/ تموز املاضي، سفيرًا لدولته ومبعوثًا خاصًا من بوتني، وبدء يفكوروف، في أغسطس/ آب املاضي، زيارات معلنة ورسمية، كونه أول مسؤول روسي رفيع املستوى يزور الرجمة، وسط حديث عن رغبة روسية في بناء فيلق روسي أفريقي ينطلق من قواعد عسكرية في شرق وجنوب ليبيا. قد يستدعي هذا التزامن أسئلة عديدة، أبرزها عن خريطة التوزع الروسي العسكري في ليبيا، وتحديدًا في جنوب وشرق البالد، ومساعي تعزيز هذا الوجود الروسي في تلك األنحاء، وملاذا أهمل تخوم الغرب الليبي، وتحديدًا في قواعد سرت التي تعد امتدادًا لقاعدة الجفرة، وسط الجنوب، أهم التمركزات العسكرية لـ«فاغنر». قد يكون مجرد تخمني، ويستأنس في ذلك بالصمت األميركي األوروبي حيال «فاغنر» وتراجع تحذيراتهما لحفتر بشأن استمرار عالقته بـ»فاغنر»، فمن املفترض أن تتعالى اللهجة األميركية األوروبية حيال حفتر تزامنًا مع هذا النشاط الروسي املعلن اآلن.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar