أسواق النفط تتجاهل هجمات الحوثيين انتقاء األهداف يحصر المخاطر في إسرائيل... وقلق من تورط دولي
بدت أسواق النفط العالمية غير عابئة باستهداف الحوثيين ناقلة نفط نرويجية كانت في طريقها إلى إسرائيل، ما يشير إلى أن «انتقاء األهداف» حتى اآلن، ربما خلق حالة من «تحييد األسواق واألطراف» غير المنخرطة في الصراع
تجاهلت أســــواق الـنـفـط العاملية، أمـــــــــــس الـــــــــثـــــــــاثـــــــــاء، اســــــتــــــهــــــداف الـحـوثـيـن فــي الـيـمـن، نـاقـلـة نفط نـرويـجـيـة كــانــت فــي طـريـقـهـا إلـــى إســرائــيــل، فــي مـؤشـر عـلـى أن األســــواق ال تـــزال تـــرى أن مـخـاطـر الـهـجـمـات الــتــي يشنها الـحـوثـيـون ال تـــزال تستهدف بـالـدرجـة األولـــى املصالح اإلســرائــيــلــيــة وعـــزلـــهـــا تـــجـــاريـــا عـــن مــصــادر اإلمـــــــــــــدادات. وال تـــــــزال أســــعــــار الـــنـــفـــط قـــرب أدنـــــى مــســتــويــاتــهــا فـــي خــمــســة أشـــهـــر، رغــم صعودها الطفيف، أمس، وفق تقرير لوكالة بـلـومـبـيـرغ األمــيــركــيــة، وذلــــك بـعـد أن فشلت تعهدات تحالف «أوبــــك+» بتمديد وتعميق تخفيضات اإلنتاج في وقف تراجع األسعار. جرى تداول خام برنت، املعيار العاملي، حول 76 دوالرًا لـلـبـرمـيـل، فيما جـــرى تــــداول خـام غــرب تكساس الـوسـيـط األمـيـركـي فـي نطاق 71 دوالرًا للبرميل. وانخفضت أسعار النفط خال األسابيع السبعة املاضية، وهي أطول فــتــرة مــن نـوعـهـا مـنـذ عـــام ،2018 وتـراجـعـت بنحو الـخـمـس مـنـذ أواخــــر سبتمبر/أيلول املـاضـي، الــذي كـاد يامس خاله خـام برنت 100 دوالر للبرميل بعد أن وصل إلى حدود 96 دوالرًا في ذلك الشهر. ويبدو أن عملية انتقاء األهداف التي يتبناها الحوثيون حتى اآلن، عبر دقة البيانات التي يحصلون عليها بشأن السفن اإلسرائيلية أو الناقات املتجهة إلى إسرائيل رغم محاوالت التمويه التي تتبعها الناقات، قد تخلق حالة من «التحييد» الدولي بشأن تلك الهجمات، األمـــر الـــذي يـزيـد مـن جهد الــواليــات املتحدة األمــيــركــيــة فـــي إقـــنـــاع الـكـثـيـر مـــن الـــــدول في التحالف معها من أجـل تأسيس «قـوة مهام بحرية»، وال سيما أن دخول هذا التحالف في صـراع مع الحوثين املدعومن من إيــران قد يزيد، وفق محللن، من التهديدات في البحر األحـــمـــر، وبــالــتــالــي ضـــرب الــتــجــارة الـعـاملـيـة بشكل أعـمـق والـتـأثـيـر بمصالح الكثير من الـــــدول، بـعـدمـا كــانــت تـقـتـصـر املــخــاطــر على تجارة إسرائيل واملتعاملن معها. ويعد استهداف ناقلة النفط النرويجية، في وقـــت مـتـأخـر مــن مــســاء االثـــنـــن، أول هجوم للحوثين على سفينة منذ إعـانـهـم، مساء السبت املاضي، أنهم سيهاجمون أي سفينة تـبـحـر إلــــى إســـرائـــيـــل، أيــــا كــانــت جنسيتها، وذلـــك ردًا على الـحـصـار اإلسـرائـيـلـي املميت لــــســــكــــان قـــــطـــــاع غــــــــزة واســــــتــــــمــــــرار الــــحــــرب الوحشية اإلسرائيلية بحقهم. وقال املتحدث الــعــســكــري بــاســم الــحــوثــيــن، يـحـيـى ســريــع، أمـــس الــثــاثــاء: «انــتــصــارًا ملظلومية الشعب
ِِ الفلسطيني الـــذي يـتـعـرض فــي هــذه األثــنــاء للقتل والـتـدمـيـر والــحــصــار فــي قــطــاع غـــزة.. نـفـذت الــقــوات الـبـحـريـة فــي الــقــوات املسلحة اليمنية عملية عسكرية نوعية ضد سفينة اسـتـريـنـدا الـتـابـعـة لـلـنـرويـج، كــانــت محملة بالنفط ومتجهة إلى الكيان اإلسرائيلي، وقد استهدفت بصاروخ بحري مناسب». وكانت الــقــيــادة املــركــزيــة األمــيــركــيــة «ســنــتــكــوم» قد أعلنت مساء االثـنـن أن الناقلة أصيبت في أثناء مرورها في باب املندب بصاروخ مجنح (كـروز) مضاد للسفن، مشيرة إلى أن الناقلة أبـــلـــغـــت عــــن «وقـــــــوع أضـــــــرار ســـبـــبـــت نــشــوب حــريــق عـلـى مـتـنـهـا». ووفــــق املــتــحــدث باسم الحوثين «جرى خال اليومن املاضين منع مرور عدة سفن استجابت لتحذيرات القوات البحرية اليمنية»، مشيرًا إلى أنه لم يلجأ إلى استهداف السفينة النرويجية إال بعد رفض طاقمها النداء ات التحذيرية. وأكد االستمرار في «منع السفن كافة من كل الجنسيات املتجهة إلى املوانئ اإلسرائيلية مـــن املـــاحـــة فـــي الــبــحــريــن الــعــربــي واألحـــمـــر
َِ حتى إدخال ما يحتاجه إخواننا الصامدون في قطاع غزة من غذاء ودواء».
تغيير سجالت السفن
وجــــاء اســتــهــداف الـسـفـيـنـة الـنـرويـجـيـة رغـم عـدم اإلفصاح في سجاتها عن أن وجهتها الــحــقــيــقــيــة هــــي إســــرائــــيــــل، مــــا يـــشـــيـــر وفـــق محللن إلـــى تمكن الـحـوثـيـن مــن الحصول عـلـى بـيـانـات تفصيلية دقـيـقـة حـــول السفن املـــتـــجـــهـــة إلــــــى إســــرائــــيــــل حـــتـــى مـــــع تــغــيــيــر
بياناتها. وقـالـت الشركة النرويجية املالكة للسفينة «جي لودفيغ موينكلز ريديري» في بيان، إن الناقلة كانت في طريقها من ماليزيا إلـــى الـبـنـدقـيـة فــي إيــطــالــيــا، وذكــــرت وسـائـل إعــام إسرائيلية، أمــس، أن السفينة كـان من املقرر ان تصل إلى ميناء أشدود اإلسرائيلي على البحر املتوسط. وكـشـفـت هيئة الــبــث اإلســرائــيــلــيــة، أمـــس، أن السفينة النرويجية «كان من املقرر أن تصل إلـــى مـيـنـاء أشــــدود (جـــنـــوب)، أوائــــل يـنـايـر/ كــــانــــون الـــثـــانـــي املــــقــــبــــل». ولـــــم تـــعـــلـــن هـيـئـة الـــبـــث اإلســـرائـــيـــلـــيـــة أي مــعــلــومــات إضــافــيــة بشأن السفينة. وذكـــرت صحيفة «غلوبس» االقتصادية اإلسرائيلية أنه بحسب سجات الـــســـفـــيـــنـــة، كــــانــــت فــــي طـــريـــقـــهـــا إلــــــى مــيــنــاء البندقية، لكن عمليا كانت الناقلة في طريقها إلى أشدود خافا ملا جاء في السجات». وسـبـبـت هـجـمـات الـحـوثـيـن املــتــزايــدة حالة من االرتباك الشديد في إسرائيل واالنقسام كذلك في أوساط حكومة االحتال، إذ يسود نــزاع حــول الطريقة التي يجب التعامل بها مـع تهديد الحوثين، وفــق تقرير لصحيفة يــديــعــوت أحـــرونـــوت. ونـقـلـت الـصـحـيـفـة عن مسؤولن كبار على حد وصفها أن «إسرائيل يجب أن تهاجم الحوثين، وهم وكاء إيران، ألنك إذا لم تفعل ذلك فسوف تظهر الضعف». لـــكـــن فــــي مـــواجـــهـــة األصـــــــــوات الــــداعــــيــــة إلـــى مهاجمة الحوثين، قـال مسؤول أمني كبير إن «أي إجـــراء إسرائيلي ضـد الحوثين في الــوقــت الـحـالـي سيخدمهم مـبـاشـرة ويخدم اإليــــرانــــيــــن الــــذيــــن يـــــريـــــدون صـــــرف انــتــبــاه إســرائــيــل عــن مهمتها الـرئـيـسـيـة فــي غـــزة»، وفق الصحيفة اإلسرائيلية. ويــــبــــدو أن حـــالـــة االرتـــــبـــــاك هـــــذه ال تـقـتـصـر عـــلـــى الــــداخــــل اإلســـرائـــيـــلـــي، بــــل أيـــضـــا عـلـى خـــطـــوات الـــواليـــات املــتــحــدة األمــيــركــيــة الـتـي تـعـمـل عـلـى تـشـكـيـل تـحـالـف عـسـكـري دولـــي ملواجهة الحوثين. فقد كشفت واشنطن في الخامس من ديسمبر/كانون األول الجاري، عــن مـبـاحـثـات مــن أجـــل تـأسـيـس «قـــوة مهام بـحـريـة» دولــيــة ضــد هـجـمـات الـحـوثـيـن في البحر األحـمـر، مشيرة إلـى أن القوة ستكون تـــحـــالـــفـــا يـــشـــمـــل 38 دولــــــــة. وردًا عـــلـــى تـلـك الخطوة، أعلنت جماعة الحوثي في الثامن مـــن هـــذا الــشــهــر أن «الــتــهــديــد» بــإنــشــاء قــوة دولـيـة فـي البحر األحـمـر ملواجهة هجماتها عـلـى الـسـفـن «ال قيمة لـــه»، لكنه «يــهــدد أمـن املنطقة واستقرارها».
وصول إلى البيانات بدقة
ووفــــــق الـــبـــاحـــث االقــــتــــصــــادي الــيــمــنــي مــــراد منصور، في تصريحات لـ«العربي الجديد»، فـــــإن الــــقــــوات الــعــســكــريــة والـــقـــطـــع الــبــحــريــة األميركية وغيرها املنتشرة على طول البحر األحمر فشلت واقعيا في التصدي الستهداف الحوثين للسفن الـتـجـاريـة اإلسرائيلية أو املــتــعــامــلــة مـــع دولـــــة االحـــتـــال خــــال الـفـتـرة
أسعار النفط ال تزال قرب أدنى مستوياتها في خمسة أشهر
املاضية. وكان وزير اإلعام في سلطات الحوثي التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء ضيف الله الشامي، قد قال في تصريحات لفضائية الجزيرة قبل أيام، إن لدى الحوثين قدرة على الوصول إلـى بيانات السفن بدقة، موضحا: «لـديـنـا مـعـلـومـات متكاملة ومـعـرفـة ونـدقـق ولـم نخطئ من قبل ولـم يسجل أي خطأ في السابق خال استهداف السفن اإلسرائيلية». وأضاف الشامي: «كل املاحة الدولية ستكون آمـنـة مـا عــدا السفن اإلسـرائـيـلـيـة، وأي سفن
سـتـتـحـرك إلـــى إيــصــال أي مــــواد إلـــى الـكـيـان الــصــهــيــونــي، فــســتــكــون فـــي مـــرمـــى نــيــرانــنــا، وتــــكــــون ضـــمـــن أهـــــــداف عــمــلــيــاتــنــا وقـــواتـــنـــا البحرية، ولدينا القدرة على التمييز ولدينا املعرفة واملعلومات الكاملة لذلك». وتـتـزايـد الـتـحـذيـرات مـن نـشـوب صـــراع أكبر فـــي الـبـحـر األحـــمـــر، األمــــر الــــذي يـعـقـد كثيرًا حركة مرور السفن التجارية، وليس تأمينها حال تدخل تحالف عسكري دولي، وال سيما أن الــتــقــاريــر الــــــواردة مـــن مــؤســســات بحرية وعسكرية بشأن مهاجمة السفن في األسابيع األخيرة جاء بدعم من مهاجمن صومالين أيـــضـــا، األمــــر الــــذي قـــد يــزيــد بـــؤر اســتــهــداف السفن حال توسيع نطاق الحرب في املنطقة. وأشـــارت صحيفة غلوبس اإلسرائيلية، إلى أنـه في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني املاضي، حــــــاول مـــهـــاجـــمـــون صـــومـــالـــيـــون االســـتـــيـــالء على الناقلة «سنترال بارك» اململوكة لشركة «زوديــــــــاك مـــاريـــتـــايـــم» الــتــابــعــة لـلـمـلـيـارديـر اإلســرائــيــلــي إيــــال عــوفــر. ورغــــم أن السلسلة األخيرة من الهجمات الصاروخية والطائرات املسيرة على السفن في البحر األحمر أثارت مـــــخـــــاوف بــــشــــأن أمــــــن شـــحـــنـــات الـــنـــفـــط فـي املنطقة، إال أنه «ال يبدو أن القلق حاد» وفق تقرير لنشرة أويــل برايس األميركية، أمس، الفـتـة إلــى أن تحركات أسـعـار النفط تعكس هذا األمر. لكن األحداث في ممرات البحر األحمر تتسارع منذ مطلع ديسمبر/ كـانـون األول الـجـاري، إذ شــن الـحـوثـيـون فــي األول مــن هــذا الشهر هـجـمـات عـلـى سـفـن إسـرائـيـلـيـة أو مرتبطة بتعامالت تجارية مع دولة االحتالل في تسع ســاعــات فـقـط، بما يــعــادل تقريبا هجماتهم التي استهدفت املصالح اإلسرائيلية العابرة للشريان التجاري الحيوي على مدار أكثر من أسبوعن سابقن. وفـــي 19 نـوفـمـبـر/ تـشـريـن الــثــانــي اسـتـولـى الـحـوثـيـون على سفينة محملة بالسيارات تــحــمــل اســـــم «غــــاالكــــســــي لــــيــــدر» فــــي الــبــحــر األحمر، ولم تحرر بعد. وفي الـ42 من الشهر نفسه تعرضت سفينة تجارية مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي لهجوم في املحيط الهندي بطائرة مسيرة من طــراز شاهد 136 يشتبه فـــي أنـــهـــا إيـــرانـــيـــة الــصــنــع، وفــــق مـــا أفـــــاد به مسؤول عسكري أميركي حينها. وبـــعـــدهـــا بـــيـــومـــن أعـــلـــنـــت شـــركـــة «زوديـــــــاك مـــاريـــتـــايـــم» الـــتـــابـــعـــة ملـــجـــمـــوعـــة «زوديـــــــــاك» تـــعـــرض سـفـيـنـة مـحـمـلـة بـالـكـيـمـيـائـيـات في املياه اإلقليمية بن اليمن والصومال لهجوم، قـــبـــل أن يـــعـــلـــن بـــعـــدهـــا بــــســــاعــــات مـــســـؤول عسكري أميركي أن السفينة أصبحت آمنة إثر تدخل من املدمرة األميركية «يو إس إس ماسون» لتحريرها.