Al Masry Al Youm

العلمانية و«فؤاد زكريا»

العلمانية هى الملاذ الأخير لحماية العقائد الدينية من ألاعيب السياسة وتقلباتها، وهى شرط ضرورى لرشادة السياسة فى دنيا الواقع، بعيدًا عن سطوة وهيمنة رجال الدين بمختلف عقائدهم ومذاهبهم، وتفسيراتهم، وادعائهم جميعًا امتلاك الحقيقة المطلقة.

- وجيه وهبة يكتب: ‪wageehwahb­a1@ gmail. com‬

القول بأن «العلمانية» فكر مستورد غريب عن مجتمعاتنا لا يصلح عندنا، هو قول فاسد، يتعامل مع الأفكار الكبرى وكأنها نوع من النباتات لا تصلح زراعته سوى فى المناطق الباردة. وهو منطق معوج يؤدى إلى أن نتنكر للأفكار الإنسانية الكبرى، مثل «الديمقراطي­ة»، وغيرها من أفكار، لأن منشأها بيئة «غربية» لا تناسب بيئتنا الشرقية.

■ ومن الاحتيال والكذب والتدليس على الناس القول إن العلمانية تساوى الإلحاد والكُفر المعنى بهدم العقائد الدينية. فالمصطلح؛ )علمانية( لطالما عرضنا له كما عرض له غيرنا من قبل مرة ومرات، محاولن توضيح المعانى العديدة التى يشير إليها، وجذوره اللغوية والتاريخية، وخلصنا إلى أن القاسم المشترك المهم بن مختلف «العلمانيات» على أرض الواقع هو وقوف الدولة بمختلف مؤسساتها، على مسافة متساوية من العقائد الدينية لجميع المواطنن، وحق الجميع فى ممارسة شعائر عقائدهم، بما لا يتعارض مع النظام والصالح العام للمجتمع. وألا يتدخل الدين فى السياسة، كما لا تتدخل السياسة فى شؤون الدين. أى الفصل بن الدين ومؤسسات الدولة.

■ العلمانية هى الملاذ الأخير لحماية العقائد الدينية من ألاعيب السياسة وتقلباتها، وهى شرط ضرورى لرشادة السياسة فى دنيا الواقع، بعيدًا عن سطوة وهيمنة رجال الدين بمختلف عقائدهم ومذاهبهم، وتفسيراتهم، وادعائهم جميعًا امتلاك الحقيقة المطلقة.

■ للمفكر أستاذ الفلسفة «فؤاد زكريا» ١٩٢7(- (٢٠١٠ دراسة مطولة نشرت عام ١٩8٩باسم «العلمانية ضرورة حضارية»، أوضح فيها كيف تتم عملية تزييف معنى كلمة «علمانية» سواء عن جهل أو عن عمد. وفى سياق رده على أعداء «العلمانية»، عرض إلى تاريخ العلمانية فى «مصر»، واعتبر «محمد على» أول حاكم «علمانى» لمصر فى مطلع القرن التاسع عشر. وأن «علمانية» الربع الأول

من القرن العشرين، التى نادى بها «شبلى شميل» و«سلامه موسى» و«إسماعيل مظهر» وأقرانهم، كانت علمانية إيجابية.. هجومية تبتغى نهضة المجتمع، أما علمانية الربع الأخير من القرن )زمن كتابة الدراسة( فهى علمانية سلبية، دفاعية. «تستهدف مقاومة هذا التيار الإسلامى الجارف، ولا تستهدف بناء مشروعها الخاص، كما كان حال العلمانية فى أوائل القرن العشرين. هى علمانية، تعرف جيدًا ما لا تريد.. الدولة الدينية، ولكنَّها لا تتوحَّد حول هدف إيجابى يُحدِّد لها ما تريد من أجل. تنمية المجتمع».

■ ويعلق «فؤاد زكريا» فى دراسته على القول بعدم صلاحية «العلمانية» لمجتمعنا بحجة «أن العلمانية جزء لا يتجزأ من التاريخ الأوروبى، يرتبط ارتباطًا عضويًّا بالظروف الخاصة التى مرَّت بمجتمع مُعنَّ، ومن ثَم فمن الخطأ الفادح اقتلاعها من تربتها الأصلية وزرعها فى تربة أخرى لم تكُن فى أيى وقت مُهيَّأةً لاستقبالها، أو مضطرةً إلى الأخذ

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt