Al Masry Al Youm

مجموعة «سحر المعصية».. كتابة بروح التذكر والحلم

-

لعل مجموعة «سحر المعصية» للقاص «طارق حنفى» من الإصدارات الأولى له.. ولكننى على يقين بأنها لن تكون الأخيرة.. فالقاص يملك موهبة الحكى والقدرة على السرد المباشر وما وراء المباشرة من تحليلٍ للمواقف والأحداث. تقع المجموعة القصصية فى ٢1 قصة قصيرة؛ ما يشى بصغر حجم القصص، وأنها على عدد قليل من الكلمات، ما يكسبها صفة التركيز.. وأهم ما يلاحظه القارئ فى هذا التركيز الغوص فى الظواهر والأحداث، البحث فى الانطباعات والبحث عن الأسباب، وهى سمة حميدة لتقديم عمل قصصى متميز.

غلبة الأنا الساردة فى الكثير من القصص هى ملمح القاص فى قصصه، وهذا نمط يخص صاحبه ويفضله البعض، ويتميز بأن القاص يريد أن يخبر القارئ بأن ما يكتبه ويسرده ليس من باب التسالى والهزر بل من باب اليقين. لا شك هناك الكثير من الملامح التى يستشعرها القارئ وتجذبه، وهو ما نرجو معه للقاص المزيد من التوفيق دوما. لعل القارئ يلمح بعض الملامح لقصص المجموعة فور الانتهاء منها، وهى الإضمار والغوص إلى دواخل نفس الشخصيات.. كما فى قصة «إطار الحياة.. حيث يتشكل الحلم من مجمل حركات تعبيرية من الوعى واللاوعى.. بين الذات الفاعلة والحالات الداخلية المتأملة.. وهى حالة من التذكر لفقيد هو ابن تلك السيدة المكلومة التى تتذكره بعد خمس وعشرين سنة».

.. إلحاح حالة من عتاب غلبة غموض النفس البشرية.. كما فى قصة «شفرات».. يكتب القاص )يسبح جسده فيما يشبه العدم، يسمع صوتين يتحدثان ولا يرى لهما مصدرا.. إن النفس البشرية تقع بين الأشياء وأسبابها من ناحية وبين رب الأشياء ومسببها من ناحية أخرى(.. ثم يتابع ساخرا.. )يقال إنهم توصلوا إلى فك شفرات النفس ويمكن برمجتها بما يريدون.. هكذا تبدو الثنائية المتصارعة مع يقين فكرة النفس الغامضة والمركبة مع قلة الحيلة فى فك شفرات النفس البشرية(.

الرغبة فى تجاوز الهموم أحيانا.. كما فى قصة ««صراع .» الظل»..حيث يشعر السارد بخيبة الأمل وقلة الحيلة تج تجاه من اعتادوا عليه وتسببوا فى إهانته وقهره، ففلم ينل أو ينتبه ويشعر بالسلام مع نفسه، بعد أن قرر المقاومة.. ولعلها من القصص القليلة الإيجابية من الجانب النفسى.

وإن تلاحظ للقارئ عدم التعرف على أسرار أ ا وأسبابتلك الانتفاضة النفسية، وكيف انتقل من اليأس والقهر إلى الانتصار، حيث كتب فى ختام القصة: )تصلب عوده أكثر، تعاظمت إرادته، وجسد صاحبه يميل إلى الخلف يتموج أمامه..(.

أما صغر حجم القصص، وإن تبدو ملاحظة

شكلية، إلا أنها ذات دلالة فى تلك المجموعة القصصية، من حيث فكرة وخاصية التركيز والتكثيف، وهى سمات تتناسب وتلك الرؤية التأملية الغالبة فى معظم القصص.

ففى قصة «الممكنات» تحولت النفس/ الشخصية القصصية من حالة السأم- من حالته- كما المعلق كطعم فى سنارة، إلى حالة الشبيه )الشخصية نفسها( التى تشبهها لولا الألق والنضرة وهالة النور التى تحيط برسمها.. دار بينهما حديث شفيف.. فى الختام مع حنكة لغوية عمد القاص لرصدها، يقول: «تذكرنى دوما بعد الألف واللام )ا ل م( لكنك أيتها الميم بينهما )أم ل(..وهو ما يعنى أن الأمل قادر على تجاوز الألم».

تتجلى للقارئ قصة «الدوامة».. تلك التى يبدو وكأنها أوجزت معظم معالجات الفكرة المحورية فى قصص المجموعة.. ويبدو أنها فكرة أولية وجوهرية فى ذهنية القاص.. ألا وهى تلك الحالة التى يعيشها بشرى بين النزوع بالغرائز والخطايا اليومية التى يمارسها، ويعيشها البشرى فى حياته اليومية فى مقابل الرغبة فى الخلاص والتخلص من وزرها.

فكانت قصة «الدوامة» هى المعبرة عن تلك النزعة وإن أرجعها إلى العقل.. يرى أن العقل وراء كل وِزر، وما يقابله البشرى من معاص مندفعا بدمعات غامضة. خاتمة قصص المجموعة تعبر عن خليط متجانس لرؤية أساسية طاغية عند القاص، ذلك القاص الذى يملك أسرار القص لغويا وأسلوبيا، وننتظر رؤية أخرى أكثر تفاعلا مع الآخر والحياة المعاشة فى مجموعة أخرى.

 ?? ?? غلاف المجموعة
غلاف المجموعة
 ?? ?? طارق حنفى
طارق حنفى

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt