«صادق».. صاحب مدرسة التوازن المصرفى ورجل الاستراتيجيات والتفاصيل
رحل مرفوع الرأس كما عاش حياته بأكملها يؤمن بالعلم والأرقام ويتسم بالموضوعية
حاتم صادق شخصية تتمتع بالكاريزما والهدوء فى آنٍ واحد، رجل الإستراتيجيات والتفاصيل.. كان دائمًا من أشد المؤمنين بالعلم والاعتماد على الأرقام.. نعته العديد من المؤسسات والجهات المختلفة بشكل مؤسسى، بأنه من أفضل القيادات التى خلفت مدرسة مصرفية تهتم باحترام التوازن والحفاظ على الالتزام بالمخططات الإستراتيجية الواضحة للجميع مع الاهتمام بجميع التفاصيل الصغيرة لإنجاح العمل ووضع المتابعة فى مقدمة الأولويات لضمان استمرار جودة الأداء.
كان دائم الاهتمام بكل العاملين حريصا على التعامل باحترام لم يرتفع صوته غضبًا وتمتع بالموضوعية والبعد عن الجوانب الشخصية فى اتخاذ القرارات، حظى بثقة كبار المستثمرين والسياسيين ورجال المال والمصرفيين فى جميع أنحاء العالم واتسمت جميع قراراته بالإدراك الوطنى وخدمة مصالح الباد فى مقدمة الاهتمام..
المصرفى الراحل، قدم تجربة مهنية مرموقة بقيادته العديد من المناصب داخل القطاع المصرفى ومشاركته فى تجربة الإصاح الأولى التى قادها المركزى عامى 2003 و2009، كما ساهم فى اجتذاب اثنين من أكبر البنوك العربية للعمل داخل مصر وهما «البنك العربى» و»بنك عوده» واستطاع إحداث طفرة قوية فى نتائج أعمال كا البنكين وتحقيق معدلات نمو آمنة وصحية، إضافة لمساهمته المتميزة فى عمليات الهيكلة والإصاح لبنك مصر الدولى MIBank بمشاركة كوكبة من القامات المصرفية الحالية التى ساهمت فى تأهيله لاندماج مع واحدة من أكبر المجموعات المصرفية الدولية )بنك سوسيتيه جنرال(.
وٌلد المصرفى الراحل فى 19 يناير 1943 وتدرج فى مراحل التعليم المختلفة وكان بين أول دفعة تخرجت من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة.. بدأ صادق حياته العملية عام 1964 مساعدًا لمدير مكتب رئيس الجمهورية للمعلومات الرئيس جمال عبدالناصر، إذ كان الفقيد صهر الرئيس متزوجًا من ابنته الدكتورة النائبة هدى جمال عبدالناصر، عضو مجلس الشيوخ وأستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ووالد هالة صادق الرئيس التنفيذى للبنك الأهلى المتحد مصر، والمهندس جمال حاتم صادق.
ومن مكتب رئيس الجمهورية إلى مؤسسة الأهرام مديرًا لمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ومحررًا بصحيفة الأهرام، وفى عام 1974 عمل خبيرًا بمكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية، إذ حصل على بكالوريوس العلوم السياسية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.
انتقل «صادق» للعمل فى المجال المصرفى فى عام 1976 من خال تأسيس الإدارة الإقليمية وفروع البنك العربى المحدود فى مصر، إذ تقلد منصب المدير الإقليمى فى مصر ونائب الرئيس التنفيذى. فى عام 2001 انتقل إلى بنك مصر الدولى نائبًا لرئيس مجلس الإدارة التنفيذى، بالإضافة إلى منصب نائب رئيس المجلس الإشرافى على بنك مصر الدولى فى أوروبا ومقره فرانكفورت، وفى الفترة ما بين 2003 وحتى 200٥ تولى منصب رئيس مجلس الإدارة التنفيذى لبنك مصر الدولى.
انضم لاحقًا إلى بنك مصر مستشارًا لرئيس مجلس الإدارة فى مجال إعادة التطوير والهيكلة، وفى عام 2006 تولى حاتم صادق مسؤولية رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لبنك عوده منذ بدء نشأته فى مصر حتى شهر مارس 2017، واستمر رئيسًا غير تنفيذي لمجلس الإدارة حتى شهر نوفمبر من عام 2021.
ووافته المنية وهو عضو مجلس إدارة غير تنفيذى ببنك ، حيث حرص الرجل على saib الالتزام بأداء عمله حتى أيامه الأخيرة.
صادق كان اقتصاديًا من طراز فريد، كلماته عن الاقتصاد المصرى والقطاع المصرفى كانت ولا تزال حاضرة وصالحة لكل الأزمنة، فمن آرائه التى يؤمن بها أنه كان دائمًا يرى أن القطاع المصرفى المصرى من أقوى القطاعات على مستوى المنطقة وأنه دائمًا قوة فى ظهر الدولة والتصدى للأزمات والخروج دون خسائر..
كان يرى أن مشكلة الاستثمار ليست فى التمويل بقدر ما أنها فى كثرة الإجراءات ونقص الحلول التى تقدمها الدولة للمستثمرين، كما يرى أن البيروقراطية أهم المعوقات التى تواجه أصحاب المشروعات، ولا بد أن يكون هناك تفهم من جانب الضرائب ووضع حوافز لهذه الشريحة.
كان الفقيد يرى أنه يجب ترشيد الإنفاق من قبل الدولة للحفاظ على موارد العمات الأجنبية، وتوقع احتياجات العماء والاستباق لتنفيذها هو سر نجاح المؤسسات المصرفية وأن السوق الموازية للعمات مشكلة فى سياسات الحكومة وليست البنوك المركزية.
وحرص على تقديم واجب العزاء فى المصرفى حاتم صادق، بمسجد عمر مكرم بالقاهرة، لفيف من القامات المصرية، على رأسهم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، حسن عبدالله، محافظ البنك المركزى، الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وزير التموين الدكتور على المصيلحي، وطارق الخولى نائب محافظ البنك المركزى، هشام عز العرب رئيس مجلس إدارة البنك التجارى الدولى مصر، الدكتور أحمد شفيق رئيس وزراء مصر الأسبق، عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، وجمال مبارك ابن الرئيس الأسبق، والدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى الأسبق، والعديد من رؤساء البنوك المصرية وكبار أساتذة الجامعات وشخصيات عربية وإقليمية.
قلمه الرصاص الأخضر الأنيق كان دائم الحضور لتسجيل الملاحظات ومراجعة كل الأمور