Al Masry Al Youm

بين الجدة والحفيدة قصص كره للعدو ودعم للقضية كيف ضحَّى الأطفال بملذاتهم من أجل فلسطين؟

-

- «أنا حوشت الفلوس دى لإخواتى فى فلسطين».. فى زجاجة بلاستيكية شفافة مُلئت بالجنيهات الورقية والفضية ادخرت الطفلة «وعد» ذات ال ٤ سنوات من محافظة كفر الشيخ مصروفها كاملًا لللتبرع به إلى أهالى غزة.

الزجاجة الشفافة ذاتها شاركت فى القافلة الأولى للحملة الشعبية المصرية لدعم الشعب الفلسطينى، وتعود من جديد ممتلئة للمشاركة فى القافلة الثالثة المُنطلقة من مدينة المحلة الكُبرى.

«حسبى الله ونعم الوكيل فيهم».. كانت جملة فاجأتنا بها الطفلة «وعد» فى مكالفة هاتفية ل«المصرى اليوم» ذكرت خلالها معانى أكبر كثيرًا من عمرها، تضمنت فيها صورة العدو من منظورها، فقالت عن أسباب ادخارها مصروفها: «جمعت فلوسى لإخواتى فى فلسطين علشان بيوتهم اتكسرت، وعلشان يجيبوا خيمة يقعدوا فيها وأكل، مينفعش يكونوا جعانين، أنا زعلانة علشانهم وربنا معاهم، لكن مبسوطة إنى قادرة أساعدهم، وماما بتوجهنى وبابا لأحسن دايمًا».

وبين كلمات تسرد فيها الجدة «أميرة» تفاصيل دعم حفيدتها للقضية الفلسطينية وتسلسل طرح القصة عليها، استكملت: «وعد تأتى بفيديوهات عن الأحداث ومشاهد الأطفال والدمار، وقادرة تميز بين العلم الفلسطينى والإسرائيل­ى والظلم الحادث، وعندما ترى العلم الأزرق دائمًا ما تردد حسبى الله ونعم الوكيل فيهم».

وتضيف جدة الفتاة أنها رغم صغر عمرها تدرك القصة تمام الإدراك، حيث استخدمت هذه الزجاجة لتكون بمثابة حصالة لترسلها لفلسطين، كذلك تعرف جيدًا منتجات المقاطعة وترفض تناولها، وتتابع والدتها «عبير»: «وعد تركت كل ما تب من أجل دعم أطفال فلسطين والمقاطعة، فعلى سبيل المثال تعتبر أكثر الحلوى حبًا لها وعادتها عند الخروج هو شراء )بيضة كندر( أمسكتها بيداها وسألتنى إذا كانت معنا أم لا وأخبرتها أنها مقاطعة، ورغم أنها حزنت وترددت كثيرًا إلا أنها قالت لى سآخذها، قلت لها كما تُبين لكن ستكونى ساعدتيهم فى زيادة القتل، اختارى ما تشاءين، ذهبت معى وصولًا للكاشير من ثم قالت خلاص يا ماما أنا هاخد آيس كريم».

تستكمل الأم: «من البداية شرحت لبنتى أسباب المقاطعة وأهمية الاستمرار فيها، وعن التبرعات وضحت أن الفكرة بدأت مع حزنها على مشاهد الأطفال ومعرفتها بالقتل فى غزة وتأثرها بالقضية فحكت لها جدتها الموقف كاملًا، لتُبدى هى من نفسها الرغبة فى مساعدهم ثم شجعتها ودعمتها للتبرع، فالأطفال لن يعتادوا المشهد طيلة هذه المدة سواء بالمقاطعة أو بالتبرع، والتعاطف». من جهته، أوضح أحمد بلال، عضو مجلس النواب، مؤسس الحملة الشعبية المصرية فى مدينة المحلة، أن الطفلة وعد ليست النموذج الوحيد لهذه الحالة المتملكة للشعب المصرى؛ بل هناك العديد من الحالات المشابهة يوميًا من الأطفال والكبار، مثل أم تتبرع بحلق ابنتها الذهب، وطفلة تساهم بمصروفها كاملًا، وهو ما يعكس مدى تأثير القضية على الأطفال قبل الكبار.

وأضاف «بلال»: «أحيانًا أدخل مخزن الحملة الشعبية أجد مجموعات شبابية لا أعرفهم، وكثير منهم فى أعمار صغيرة، مجرد منشور على فيسبوك يجتمعون فى الحال من طلبة وأطفال، فكذلك تواصل معى مؤخرًا مدرس يشرح لى إصرار طلابه على المشاركة ودعم القضية الفلسطينية، طالبًا تطوعهم فى القوافل المُرسلة للشعب الفلسطينى، وأنا بشكل شخصى مهموم بإشراك الأطفال فى المشاركة دائمًا وحريص على مشارك ابنتى فيها وأولاد أصدقائنا دائمًا من جميع الأعمار».

وتابع «بلال»: «الكرتونة التى يمسكها هؤلاء الأطفال يشعرون بأنها ستصل لأهالى فلسطين، تعطيهم إحساسا أكبر بأنها قضيتهم، فلم يقف الأمر مطلقًا عند مجرد التعاطف، بل وعى الدفاع عن قضية تخصه، هذا الوعى يجعله إنسانا سويا جدا منحازا للقضية الفلسطينية لأنها قضية عدالة وقضية حرية، كما أن التبرعات مستمرة من اللحظة الأولى بل وتزداد، فعلى سبيل المثال كانت القافلة الأولى ثلاث حاويات، ثم أصبحت القافلة الثانية 6 حاويات )كونتنير( ٤0 قدم نحو ٤٥ طنًا، فوصلت قيمة إحدى الحاويات إلى 6 ملايين جنيه، وهى حاوية واحدة فقط من أصل 9 تم تقديمها، بينها من احتوت على مستشفى ميدانى كامل يكفى ٥0 فردًا، بجميع المستلزمات الطبية التى يحتاجها الأطباء من أدوية وجبس، وأسّرة طبية، وكراس متحركة.»

وأردف «بلال»: «رغم الظروف الاقتصادية الشعب المصرى يقسم لقمته وكسوته وعلاجه مع إخوانه من الشعب الفلسطينى ولن يتوقف مهما طالت المدة، وفى الوقت الحالى نستعد لإرسال القافلة الثالثة باسم خيام الحياة موجهة ل100 أسرة فلسطينية، بتكلفة نحو نصف مليون جنيه، مجهزة للمعيشة بكراتين سلع غذائية تصل ل 2000 جنيه وتتضمن حتى الحلويات لأطفال، بطاطين، ومراتب، وكرتونة إسعافات أولية لكل خيمة، وملابس شتوية ومستلزمات عناية شخصية تساعدهم على منع انتشار الأوبئة والعدوى، ورغم أن المحلة كانت المحرك الصلب للحملة إلا أن التبرعات جاءتنا من مختلف المحافظات، مثل القاهرة، وطنطا، وكفر الدوار، وبنى سويف، قرى زفتى.»

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt