Al Masry Al Youm

« » تفند ادعاءات إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية

مصر ليست المتحكمة بمفردها فى معبر رفح.. الاحتلال لا يتخذ أى تدابير لحماية المدنيين وما يفعله« إبادة» وليس دفاعًا عن النفس

-

لم يجد فريق الدفاع عن إسرائيل، التى تنظر محكمة العدل الدولية اتهام دولة جنوب إفريقيا لها بارتكاب «إبادة جماعية» بحق الشعب الفلسطينى فى غزّة، ما يسعفه من الحجج والبراهين لدرء هذه التهمة المشينة المدعمة بعشرات الإثباتات المصورة والمكتوبة، والتى شاهد العالم بأسره بعض فصولها مباشرةً، وضمّها ملف الدعوى المكون من 84 صفحة، فعمد إلى ترويج الأكاذيب والادعاءات المضللة وإلقاء التهم حتى على الآخرين، بمن فى ذلك مصر. خلال جلسة الاستماع المخصصة لإسرائيل، والتى انعقدت الجمعة الماضى 12 يناير الجارى واستمرت ثلاث ساعات، قدّم كل من المستشار القانونى لوزارة الخارجية الإسرائيلي­ة، تال بيكر، ورئيس فريق الدفاع عن إسرائيل فى القضية، البروفيسور البريطانى مالكولم ناثان شو، العديد من الادعاءات المضللة والأكاذيب على أنها «أدلة عدم ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية فى غزة». فى هذا التقرير.. يفند قسم «تدقيق المعلومات وصحافة البيانات» بجريدة «المصرى اليوم» ضمن حملة الدولة الكاذبة، أبرز أكاذيب وادعاءات إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية مع إبراز الأدلة.

«مصر وحدها هى من تتحكم فى معبر رفح.. وإسرائيل لم تمنع دخول المساعدات الإنسانية »

نفت مصر مرارًا وتكرارًا هذا الادعاء، وأوضحت أن سيادتها تقتصر على الجانب المصرى من المعبر، ولا سلطة لديها على الجانب الفلسطينى الذى تعرّض للقصف الإسرائيلى ما لا يقل عن أربع مرات فى بداية الحرب على غزّة.. علمًا بأن الإعام الإسرائيلى تباهى فى تقارير عديدة بأن إسرائيل هى التى تمنع دخول الوقود والماء والغذاء إلى القطاع المحاصر.

على سبيل المثال، أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»- إحدى أدوات البروباجان­دا الإسرائيلي­ة- فى تقرير نُشر 12 أكتوبر ،2023 بأن «قطعت إسرائيل إمدادات الغذاء والوقود والكهرباء والأدوية عن غزة، وأُغلق المنفذ الوحيد المتبقى مع مصر بعد غارات جوية بالقرب من المعبر الحدودى».

كما ناقشت صحيفة «جيروزاليم بوست» مسألة مدى أخاقية منع إسرائيل الوقود والغذاء والمياه والمساعدات الإنسانية عن غزة فى أحد تقاريرها، ونقلت عن أستاذ العلوم السياسية الإسرائيلى، إيلى ريتج، زعمه أن «استخدام وسائل تكتيكية للضغط على حماس لإطاق سراح الرهائن الإسرائيلي­ين هو أمر أخاقى ومبرر».

وعقب انتهاء فريق الدفاع الإسرائيلى من مرافعته.. وصف ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة لاستعامات، ما ورد بشأن معبر رفح ومسؤولية مصر المنفردة عن مرور المساعدات بأنه «بصورة قاطعة مزاعم وأكاذيب» فى «محاولة إسرائيلية للهروب من إدانتها المرجحة من جانب المحكمة».

وجدد «رشوان» تأكيد أن «سيادة مصر تمتد فقط على الجانب المصرى من معبر رفح، بينما يخضع الجانب الآخر منه فى غزة لسلطة الاحتال، وهو ما تجلى فعليًا فى آلية دخول المساعدات من الجانب المصرى إلى معبر كرم أبوسالم الذى يربط القطاع بالأراضى الإسرائيلي­ة، حيث يتم تفتيشها من جانب الجيش الإسرائيلى قبل السماح لها بدخول أراضى القطاع».

وجادل رئيس الهيئة العامة لاستعامات بأن «ما يؤكد سيطرة جيش الاحتال الإسرائيلى على دخول المساعدات للقطاع وتعطيله المتعمد لها ما طالب به الرئيس الأمريكى جو بايدن بفتح معبر كرم أبوسالم لتسهيل دخولها، وهو ما أعلن عنه مستشاره للأمن القومى جيك سوليفان يوم 13 ديسمبر الماضى، باعتباره بشرى سارة» وبأنه «إذا ما كانت السلطات الإسرائيلي­ة ترغب حقيقة فى دخول المواد الغذائية والطبية والوقود للقطاع، فإن لها مع القطاع 6 معابر من أراضيها، عليها فتحها فورًا للتجارة وليس لدخول المساعدات».

وعبر حسابها الموثق على منصة «إكس»، أوضحت الأمم المتحدة صراحةً بتاريخ 11 كانون الثاني/ يناير الجارى: «بسبب رفض السلطات الإسرائيلي­ة وصول 3 شحنات فقط من أصل 21 شحنة مساعدات منقذة للحياة إلى شمال وادى غزة فى الفترة بين 1 و10 يناير.» فى اليوم نفسه، طالبت منظمة الصحة العالمية إسرائيل بالسماح لها بالوصول إلى شمالى القطاع لتقديم الخدمات المنقذة للحياة دون استجابة.. كذلك أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية )أوتشا( أن الرفض المتكرر من قبل السلطات الإسرائيلي­ة للسماح لفرق الإغاثة الأممية بتقديم الإغاثة الإنسانية الضرورية داخل غزة «أدى فعليًا إلى حرمان خمسة مستشفيات فى الشمال من الحصول على الإمدادات والمعدات الطبية المنقذة للحياة،» بخاصة إلى مستودع الأدوية المركزى فى مدينة غزة ومستشفى العودة فى جباليا. وأوضح المكتب أن إسرائيل تستمر أيضًا فى «رفض توصيل الوقود إلى مرافق المياه والصرف الصحى.»

وخال مؤتمر صحفى استضافته القاهرة 19 تشرين الأول/ أكتوبر الماضى، حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إسرائيل، على ضمان وصول المساعدات الإنسانية فورا وبدون عوائق من أجل الاستجابة لاحتياجات سكان غزة، موجهًا الشكر لمصر على جهودها ل«المساعدة فى تهدئة التوترات وتخفيف الألم والمعاناة» عن أهل القطاع.

وفتحت مصر المعبر أمام القادة السياسيين الغربيين لاطاع على العراقيل التى تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية، بمن فيهم الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة المفوضية الأوروبية.. وأخيرًا وزيرة الخارجية الألمانية، كما تتراكم شاحنات المساعدات من هيئات إغاثية تابعة للأمم المتحدة ودول بعضها حليفة لإسرائيل ولا تجرؤ حتى على المرور من المعبر، نظرًا لعدم تقديم إسرائيل ضمانات بعدم تعرضها للقصف.

وسبق أن شنّ مسؤولون إسرائيليون هجومًا على الأونروا وحاولوا تحميلها المسؤولية عن «الثغرات فى عمليات تسليم المساعدات فى غزّة»، وهو ما رد عليه فيليب لازارينى، المفوض العام للأونروا، بقوله: «تم تضخيم هذه التصريحات من قبل وسائل الإعام الإسرائيلي­ة وغيرها من وسائل الإعام الرئيسة ووسائل التواصل الاجتماعى، ما خلق سياً من المعلومات المضللة التى لا أساس لها من الصحة،» موضحًا «خال الأسبوعين الأولين من الحرب، فرضت السلطات الإسرائيلي­ة حصارًا محكمًا على قطاع غزة، ومنعت دخول كافة الإمدادات، بما فى ذلك الغذاء والماء والدواء والوقود. تم السماح بأول شحنة من المساعدات الإنسانية فى 21 تشرين الأول بعد عملية تحقق معقدة وطويلة شملت تغيير مسار الشاحنات عبر إسرائيل.»

وأردف لازارينى: «إن هذا ليس الوقت المناسب لتبادل الاتهامات وترويج المعلومات المضللة. إن القانون الإنسانى الدولى واضح جدًا: إسرائيل بصفتها سلطة الاحتال، عليها أن تضمن حصول السكان على الخدمات الأساسية وتزويدهم بها».

«الجيش الإسرائيلى يتخذ التدابير التى تخفف الخسائر فى صفوف المدنيين.. بعض هذه الجهود يتجاوز ما يتطلبه القانون الدولى »

ضرب جيش الاحتال الإسرائيلى مثالًا على هذا الادعاء بالمنشورات التى ألقاها جيش الاحتال على المدنيين لإخاء منازلهم قبل القصف، والمكالمات التى أعطى فيها توجيهات بالانتقال إلى مناطق «آمنة» مزعومة.. وأخيرًا بالسماح لبعض الوكالات الأممية بالدخول إلى غزّة والقيام بمهمات إغاثية هناك.

وهنا عدة مزاعم كاذبة ومضللة مركّبة نفنّدها، كلٌّ على حدة.

أولًا.. بخصوص التحذيرات المسبقة عبر المنشورات و/أو المكالمات الهاتفية، فعاوة على عدم كفايتها أو نجاعتها، وفق ما خلصت إليه تحقيقات منظمة العفو الدولية، خصوصًا مع تقدير الأمم المتحدة الذى أُعلن مرارًا وتكرارًا بأنه «لا مكان آمن فى غزة»، فقد ثبُت أن الجيش الإسرائيلى أرشد المدنيين فى أكثر من بقعة إلى أماكن أو ممرات زعم أنها «آمنة»، ثم قصفها عقب ازدحامها بالنازحين/ ات.. خلص إلى ذلك تحقيق مدعوم بالأدلة البصرية وروايات شهود العيان ل«بى بى سى عربية»، كما أقره تحقيق لصحيفة «هاآرتس» الإسرائيلي­ة.

ومطلع ديسمبر المنقضى، اتهم مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إسرائيل ب«القتل المتعمد للمدنيين، وإطاق الصواريخ العشوائية، والهجمات العشوائية باستخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة فى المناطق المأهولة بالسكان، وأشكال العقاب الجماعى» المحظورة جميعها بموجب القانون الدولى.

ووصف «تورك» المعاناة التى يتعرض لها المدنيون فى غزّة بأنها «تتخطّى حدود المعقول»، مشددًا على أنه «نتيجة العمليات العدائية التى تنفّذها إسرائيل وأوامرها للسكان بمغادرة الشمال ومناطق محدّدة من الجنوب.. يُحاصر مئات الآلاف من الأشخاص فى منطقة فى جنوب غزة، تتقلص مساحتها يومًا بعد يوم، فى غياب تام لظروف النظافة الصحية المائمة وإمكانية الحصول على ما يكفى من الغذاء والمياه والإمدادات الصحية، فيما تنهال القنابل والقذائف من حولهم».

وخال جلسة لمجلس الأمن نهاية أكتوبر الماضى، أوضح الأمين العام للأمم المتحدة «جوتيريش» بشكل حاسم: «حماية المدنيين لا تعنى إصدار الأمر بإجاء أكثر من مليون شخص إلى الجنوب، حيث لا مأوى

ولا غذاء ولا ماء ولا دواء ولا وقود، ثم الاستمرار فى قصف الجنوب نفسه.»

أما عن السماح لبعثات الهيئات والوكالات الأممية والدولية والصحفيين بالدخول إلى غزّة وأداء عملهم. ففى 12 يناير الجارى، قال المدير العام للمنظمة الدكتور تيدروس جيبريسوس: «تقديم المساعدات الإنسانية فى غزّة لا يزال يواجه تحديّات لا يمكن التغلّب عليها تقريبًا.. القصف المكثف والقيود على الحركة ونقص الوقود وقطع الاتصالات كلها تجعل من المستحيل على منظمة الصحة العالمية وشركائنا الوصول إلى المحتاجين. لدينا الإمدادات والخطط والفرق، لكن ما لا نملكه هو القدرة على الوصول للناس .»

وأضاف جيبريسوس: «منظمة الصحة العالمية اضطرت إلى إلغاء 6 بعثات، كان من المفترض أن تتوجه إلى شمال غزة، خال الأسابيع الأخيرة، بسبب رفض طلباتها وعدم توفير ضمانات المرور الآمن منذ مهمتنا الأخيرة فى 26 كانون الأول/ ديسمبر الماضى،» داعيًا «إسرائيل» للموافقة على وصول المنظمة إلى شمالى القطاع المحاصر.

«ما تفعله إسرائيل هو دفاع عن النفس»

هذا الادعاء ينقضه القانون الدولى.. وبحسب فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بوضع حقوق الإنسان فى الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، فإن القانون الدولى ينص على حق الدول الأعضاء فى الدفاع عن النفس، وهو حق متأصل فى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. وهذا الدفاع يمكن أن يمارس ضمن حدود معينة.. الحد الأول فى الحق نفسه، أى أن يكون متناسبًا وضروريًا، يبرر استخدام القوة لصد الهجوم.

وأوضحت «ألبانيز» أن حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس يتوقف عند صد توغل عناصر حماس فى أراضيها، مردفةً: «ما تفعله إسرائيل يعتبر فى نظر بعض الدول الأعضاء دفاعًا مشروعًا عن النفس، وهو ليس كذلك. فكيف يمكن أن يكون هذا دفاعًا عن النفس وهناك قصف شامل لشعب بأكمله تحت هدف غامض ومبهم للغاية، وهو القضاء على حماس؟!».

ولفتت إلى عامل آخر ينفى الادعاء الإسرائيلى من وجهة نظر القانون الدولى وهو: «نحن نتحدث عن قوة احتال. إسرائيل هى قوة احتال فى مواجهة الفلسطينيي­ن. ولا توجد دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة. وما انبثق من غزة لا يمثل الشعب الفلسطينى سياسيًا. إذًا، لم تكن دولة فلسطين هى التى تهاجم دولة إسرائيل. ما أريد قوله هو إن الاحتال كان أداة لاستعمار والوحشية والاعتقال والاحتجاز التعسفى وتنفيذ عمليات إعدامات بإجراءات موجزة )دون اتباع الإجراءات الواجبة( ضد الشعب الفلسطينى».

وتابعت: «حتى لو كان هناك حق فى الدفاع عن النفس، فابد من احترام مبدأ التمييز، حتى لا يتم استهداف المدنيين. عندما يكون هناك استهداف عشوائى، فإنك تستهدف المدنيين. فهذه كلها الحدود التى يجب أن يُلتزم بها فى استخدام القوة، ولا يراعى شىء من ذلك، ولا يتم الالتزام بشىء منه».. بل اعتبرت المقررة الأممية فى مناسبة أخرى أن «إسرائيل قامت بالفعل بالتطهير العرقى الجماعى للفلسطينيي­ن تحت ضباب الحرب. ومرة أخرى باسم الدفاع عن النفس، تسعى لتبرير ما قد يصل إلى التطهير العرقى»، وشددت: «أى عمليات عسكرية مستمرة من جانب إسرائيل فقد تخطت حدود القانون الدولى».

وفى نوفمبر الماضى، أكد أكثر من 30 خبيرًا أمميًا مستقاً فى مجال حقوق الإنسان، فى بيان مشترك، أن «الانتهاكات الصارخة» التى ترتكبها إسرائيل فى غزّة لا يمكن تبريرها باسم الدفاع عن النفس؛ لأن إسرائيل ما زالت القوة القائمة بالاحتال فى الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فى ذلك قطاع غزة، ولا يحق لها - بموجب القانون الدولى - أن تشن حربًا على السكان الواقعين تحت احتالها العسكرى.

«إسرائيل منخرطة فى حربٍ ضد حماس وليس ضد الشعب الفلسطينى »

فى أحدث تقاريرها بمناسبة مرور 100 يوم على الحرب الإسرائيلي­ة على القطاع، قالت وكالة غوث وتشغيل الاجئين )أونروا( إن الهجمات الإسرائيلي­ة المستمرة «أثرت على أكثر من 2 مليون شخص - أى جميع سكان غزة- وسيعانى الكثير منهم مدى الحياة، جسديًا ونفسيًا. وتعانى الغالبية العظمى، بمن فى ذلك الأطفال، من الصدمات الشديدة.»

وتُشير الأرقام التى تعتمدها الوكالة - والأمم المتحدة بدورها - إلى مقتل ما لا يقل عن 23 ألف فلسطينى، 70% منهم من النساء والأطفال، عاوة على ما يناهز ال60 ألف مصاب، عشرات منهم بإعاقات دائمة، وهناك نحو 7000 مفقود يُرجح أنهم قتلوا ولم يتسنَّ إخراجهم من تحت الأنقاض للعجز الكبير فى الإمكانيات والتجهيزات الخاصة بالدفاع المدنى.. عاوة على نزوح 1.9 مليون شخص )أو أكثر من 85% من السكان( فى مختلف أنحاء قطاع غزة، بعضهم عدة مرات. ويتم إجبار العائات على الانتقال بشكل متكرر بحثا عن الأمان.

ولفتت «الأونروا» إلى بعض أبشع الجرائم الإسرائيلي­ة فى القطاع بقولها: «قُتل العاملون فى مجال الإغاثة، بمن فيهم 146 من الزماء فى الأونروا، جنبًا إلى جنب مع الأطباء والصحفيين والأطفال، ولم يسلم أحد. تم هدم أحياء سكنية بأكملها وأماكن عبادة ومبان تاريخية.»

هذه الأرقام الصادمة لا يمكن تفسيرها بأى حال بأنها خسائر عرضية لنزاع مسلح، وإنما تؤشّر إلى مستوى التوحش والتعمّد فى استهداف المدنيين.

فى المقابل، أسفرت عملية «طوفان الأقصى» التى نفذتها المقاومة الفلسطينية فى مستوطنات غاف غزّة فى السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضى، عن مقتل نحو 1140 إسرائيليًا وإصابة نحو 3000 آخرين، وجُل الضحايا الإسرائيلي­ين من الجنود والمستوطني­ن الذين يسكنون المستوطنات غير الشرعية بموجب القانون الدولى باعتبارها أراضى فلسطينية محتلة.. وذلك عاوة على أسر 250 آخرين والعودة بهم إلى القطاع المحاصر منذ عام ،2007 لا يزال 130 قيد الأسر حتى الآن.

وفى وقت سابق من الشهر الجارى، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية )أوتشا( إن الهجوم الإسرائيلى المستمر تسبب فى «العديد» من الحوادث المميتة ذات «العواقب المدمرة على عشرات الآلاف من المدنيين .»

وأثبت تحليل منظمة العفو الدولية لعدة هجمات وجود «أدلة دامغة» على ارتكاب إسرائيل «جرائم حرب» فى غزّة من خال القصف العشوائى أو المتعمد لمنازل مدنيين، دون وجود أى أهداف عسكرية داخلها، ما تسبب أحيانًا فى مسح عائات بأكملها من السجات.

واتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش، الحقوقية الدولية، إسرائيل، ب«استخدام التجويع كساح حرب فى غزة»، مؤكدةً وجود «أدلة تشير إلى تعمّد الجيش الإسرائيلى منع إيصال المياه، والغذاء، والوقود، بينما يعرقل عمدًا المساعدات الإنسانية، ويبدو أنه يجرّف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين من المواد التى لا غنى عنها لبقائهم.»

وسبق أن أقر عديد من المسؤولين والقادة الإسرائيلي­ين بتعمّد فرض العقاب الجماعى على سكان غزّة بمن فيهم الأطفال، معتبرين أنه «لا مدنيين فى غزّة..» ومن هؤلاء وزير الدفاع يوآف جالانت، بأنه أمر ب«فرْض حصار كامل على قطاع غزة. لن يكون لديهم كهرباء ولا طعام ولا وقود، كل شىء ممنوع،» واصفًا جميع سكان غزّة بأنهم «حيوانات بشرية». كما غرّد وزير الأمن القومى المتطرف إيتمار بن غفير بأن الشىء الوحيد الذى سيسمح بدخوله غزّة هو «مئات الأطنان من المتفجرات التى تحملها القوات الجوية، وليس أونصة واحدة من المساعدات الإنسانية.» كما زعم رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق نفتالى بينيت بأنه لا وجود لمدنيين فى غزّة، فى تحريضٍ صريح على المدنيين هناك.

وزير التراث الإسرائيلى أيضًا كانت له عدة تصريحات تحرّض على إبادة جميع سكان غزّة، حيث ردّ على سؤال عما إذا كان ينبغى إسقاط قنبلة ذرية على غزة، بقوله: «هذا أحد الاحتمالات،» معتبرًا «لا يوجد فى غزة إلا المقاتلون».. كما حرّض على التهجير القسرى لسكان القطاع بقوله: «نحتاج إلى إخراجهم من قطاع غزة.. يمكنهم الذهاب إلى أيرلندا أو الصحارى.»

«فى كل مستشفى وجد الجيش الإسرائيلى أدلة على استخدامه عسكريًا من قبل حماس »

شنّت إسرائيل منذ البداية حربًا إعامية على المؤسسات الطبية فى غزّة، واتهمت حماس بالسيطرة عليها واستخدامها عسكريًا للحماية التى تمنحها إياها الاتفاقيات الدولية المنظمة لقواعد الحرب.. ثم استهدفت، ففرضت حصارًا على مجمع الشفاء الطبى، أكبر مؤسسة صحية فى غزّة، وادّعت أن تحته مقر قيادة حماس، وأنه ربما يكون مركز عملياتها العسكرية.. ثم اقتحمته وعاثت فيه فسادًا لأيام، وخرجت بمقطع مصور لما قالت إنه «أدلة على وجود حماس فى المستشفى»، وهى عبارة عن 15 بندقية وبعض السترات العسكرية وبعض الكتب وجهاز لاب توب.

ووجد تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية أن «الأدلة» التى ساقتها إسرائيل «أقل بكثير» من أن تثبت ادعاءاتها السابقة لاقتحام المجمع، لافتًا إلى شكوك فى صدقية الادعاء الإسرائيلى بالعثور على هذا العدد البسيط من الأسلحة فى المجمع، مشيرًا إلى تحليل ل«بى بى سى» يؤكد أن المقطع صوّره الجيش الإسرائيلى قبل ساعات من السماح للصحفيين بالقيام بجولة واستكشاف مزاعمه بشأن الاستخدام العسكرى للمستشفى من قبل حماس.

وغادر الجيش الإسرائيلى مجمع الشفاء با رجعة دون أن يكشف الأنفاق المزعومة تحته. ومع ذلك، كرر ادعاءاته وحصاره وقصفه مستشفيات أخرى فى القطاع بنفس الذرائع التى بقيت دون أدلة.

واعتبرت مسؤولة الإعام بالهال الأحمر الفلسطينى، نيبال فرسخ، أن الاستهداف الإسرائيلى للمنشآت الصحية فى غزّة منذ بداية الحرب ممنهج ومتعمد لمفاقمة تبعات الحرب المستمرة وحرمان المصابين من فرص العاج، مدللةً على ذلك بخروج 30 مستشفى من أصل 36 فى القطاع من الخدمة، إضافة إلى خروج 53 مركزًا صحيًا من الخدمة، بسبب الاستهداف الإسرائيلى.. عاوة على سقوط ما لا يقل عن 326 شهيدًا من الطواقم الطبية واعتقال 100 من الكوادر الطبية، وخروج 60 مركبة إسعاف على الأقل من الخدمة.

رفعت جنوب إفريقيا فى ديسمبر 2023 دعوى قضائية فى محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل تتهمها فيها ب»انتهاك» التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية فى قطاع غزة، بما فى ذلك فشلها فى منع الإبادة الجماعية، وفشلها فى مقاضاة التحريض المباشر والعلنى على الإبادة الجماعية.

سامية على

 ?? ??
 ?? ?? فريق جنوب إفريقيا أمام دفاع إسرائيل
فريق جنوب إفريقيا أمام دفاع إسرائيل

Newspapers in Arabic

Newspapers from Egypt